أستاذ مرسب يحذر أهل الريف من الحوار مع لفتيت

بقلم: إلياس الهاني

رسالة عاجلة إلى إخواني بالحراك الشعبي المبارك بالريف..!! بعنوان: «مكر الثعلب وعندليب الريف».

تابع الرأي العام الوطني والدولي الاهتمام الإعلامي للوزراء الذي قدموا إلى مدينة الحسيمة، وذلك من أجل التسريع بوتيرة المشاريع المنجزة ضمن إطار مشروع الحسيمة منارة المتوسط، وقد عرفت هذه الخطوة اهتمام إعلامي قوي؛ بغية التأكيد على أن مطالب الساكنة ستتحقق بهذه الطريقة، ويأتي ذلك كله بعد تصريح الأغلبية الحكومية بأن نزعات انفصالية تستشري في الحراك الشعبي الذي يجتاح منطقة الريف، ولما أظهر أهل الريف ومن معهم من المتضامنين عدالة ملفهم الحقوقي المتمثل في مطالب اجتماعية واقصادية وأخرى ثقافية مع رفع كل مظاهر العسكرة وإطلاق سراح المعتقلين، وكذا الملحمة التاريخية ليوم الخميس 18 ماي؛ تلك المسيرة التاريخية التي جابت شوارع مدينة الحسيمة وقدّمت فيها درسا للعالم بشرعية مطالب الحراك الشعبي بتنظيمه المحكم، وزخمه البشري ما جعل عددا من الأجانب بكبرون في الريفيين هذا الحس الحضاري الذي أبانوا عنه. بعدها لم يجد المعنيون بالأمر بد من المجيئ إلى الحسيمة وعقد لقاء مع المنتخبين وأعضاء الجمعيات المدنية والحكومية ليشرعوا في انطلاقة جديدة لتلك المشاريع عبر منارة المتوسط كما ذكرنا أنفا، لتبدأ جولات الوزراء في المداشر والقرى والمؤسسات يساءلون المواطنون عن مشاكلهم واحتياجتهم قصد إيجاد حلول لها كما جاء على لسانهم. أمام كل هذا التغير الفجائي لهذه الحكومة من اتهام بالانفصالية لأهل الريف ثم مباشرة بعدها بمشروعية المطالب نستحضر أمرا مهما للغاية وهو أن دول العالم الثالث ما زالت لم تبرح في خطابها على تخدير النفوس وإيهامها بالإصلاح والتغيير في أوقات الضيق والشدة فقط كما كان يردد ذلك كثيرا المرحوم المهدي المنجرة؛ وإلا لماذا بالذات قدم هؤلاء الوزراء إلى المدينة ليفكوا عزلتها لولا هذا الحراك المبارك، فما استقدمهم سوى هذه الحناجر وذلك الوعي الذي نال الريفيين قدرا عاليا منه باستحضارهم الكلي لمدرسة الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي في مشروعه المجتمعي والفكري والحضاري. إزاء هذا الأمر فإن الحراك الشعبي بالربف قد أثبت قوته وحضوره وذلك من خلال مشروعية مطالبه التي لا يتنازع عنها أحد إلا من يخاف على نفسه من صيحات الكادحين والفقراء من أصحاب الفساد والاحتكار، وقد كان لزاما على الدولة المغربية أن تنظر إلى هذه البقعة وتعمل سياستها بشكل من الأشكال؛ مبرمة صفقات، وقراءة من الأوراق للمشاريع، ووعودا كما نجد وزراء الحكومة يفعلون، وإن الحراك الشعبي ما فتئ يؤكد على جدية هذه المعركة باعتبارها قضية كرامة وعز فقدتهما منطقة الريف عبر سلسلة من التجاوزات عرفتها المنطقة 1958\1959 و 1984 و 2004 و 2011 وذلك بالحوار الجاد بين الدولة المركزية والحراك الشعبي باعتبار “الحوار” آلية حضارية لفض النزاعات ورد الحقوق. ولذلك فإن على الحراك الشعبي بالريف أن يستحضر الحركات الاحتجاجية التي عرفتها الشوارع المغربية والتي شهدت استثناء على الصعيد الوطني ومدى تعامل الدولة معها بعد أن تعاملت معها في بداية أمرها بالإقرار بمطالبها لتهوي عليها بالسوط كما حدث ذلك في حراك الأساتذة المتدربين. وقد اخترت قضية الأساتذة المتدربين لأنها الأقرب زمانا إلى الحراك الشعبي بالريف وكذلك لكوني عضوا بالتنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين ولأني شهدت جميع أطوار هذا الحراك من بدايته إلى الانتقام منه، ولأني أخيرا من ضحايا انتقام تعسفي للدولة المغربية بتريسبي ظلما وعدوانا بعد نجاحي بتفوق في جميع أطوار مخرجات الحوار مع الوالي السابق لجهة الرباط سلا القنيطرة ووزير الداخلية الحالي عبد الوافي لفتيت. وقد بدأت معركة الأساتذة المتدربون في الموسم الدراسي 2015 /2016 لإسقاط مرسومين أصدرتهما الحكومة المغربية وذلك في سلسلة من الإجهاز على ما تبقى من المنظومة التربوية، دامت أزيد من ستة أشهر من الاحتجاجات، تنوعت أشكالها بين مسيرات وطنية، وإعتصامات محلية وجهوية ووطنية، ومبيتات ليلية ومسيرات الأقطاب، ومسيرات محلية، وتمكن بعدها الأساتذة المتدربون من انتزاع مجموعة من المكتسبات من الحكومة المغربية، وأرغموها على إعادة فتح نقاش حول المرسومين، ليقرر الأساتذة المتدربون الالتحاق بمراكز التكوين، ابتداء من يوم الاثنين 25 أبريل، في انتظار صدور المقرر الوزاري ينظم السنة التكوينية ومباراة التوظيف في أجل أقصاه 6 ماي .2016 وفعلا تم صدور المقرر الوزاري الذي نظم تلك السنة الاستثانية وذلك بعد جولة طويلة من الحوارات مع وزير الداخلية الحالي لفتيت الذي رفع التقرير للحكومة لاتهام أهل الريف بالانفصال. الوالي عبد الوافي لفتيت الذي وقع مع الأساتذة المتدربون وهم في عز بطولتهم على المحضرين 13 و21 أبريل 2016 وهاذين المحضرين يقضيان بتوظيف الفوج كاملا بدون استثاء ليتفجأ الجميع بترسيب متعمد وذلك في سابقة خطيرة بإقصاءها لأزيد من 150 أستاذا متدربا؛ مما يعتبر خرقا سافرا للمحضرين الموقع بين الحكومة والتنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين المذكورين، وقد تفاجأ الرأي العام من هذا التمصل الحكومي من الاتفاق المبرم مع التنسيقية المذكورة مما أدى إلى سخط عام للمجتمع ورجوع التنسيقية الوطنية للاساتذة المتدربين إلى الشوارع بعد ان استنفذت كل الوسائل ليخضوا هؤلاء الأساتذة معركة الموت؛ بإضرابهم المفتوح عن الطعام بدءا من يوم الثلاثاء 23 ماي 2017. ويذكر أن ما طال الأساتذة المتدربين من إقصاء متعمد من الولوج للوظيفة العمومية بسبب حركتهم الاحتجاجية القوية التي عرفتها طيلة السنة الماضية والتي أثبتت قوتها وتنظيمها الجيد والمحكم. وبهذا تصبح الدولة تنهج سياسة ضرب للحركات الاحتجاجية المشروعة التي تطالب بحقوقها؛ نعم فوزارة الداخلية تريد الانتقام من التنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين هذا الإطار الصامد الاحتجاجي الذي كان له دور فعال في إذكاء روح النضال تسري بين أطياف المجتمع المغربي لينال حقوقه المشروعة. لم يكن الحوار الذي جرى مع الأساتذة المتدربون من قبل وزير الداخلية سوى امتصاصا للغضب الشعبي الذي وقف مع الأساتذة المتدربون وأعلن تضامنه ومشاركته في جميع البرامج النضالية التي كانت تسطرها التنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين، بعد أن أصبح الأساتذة المتدربين حديث القريب والبعيد وقد شهد قضيتهم تغطية إعلامية واسعة على الصعيد الوطني والدولي بل أضحت حركتهم محل دراسة للعديد من الباحثين كحركة احتجاجية شبابية. وهذا ما حذر منه الأساتذة المرسبون الذي نالهم الحيف والظلم في ندوتهم الوطنية اليوم 23 ماي بضرورة استيعاب الدروس من الحركات الاحتجاجية وخاصة حراك الأساتذة، الذي تنصل منه الوزير لفتيت من المحاضر التي وقعها بأنامله، والتي ما فتئ يؤكد أنه سيلتزم بالمحضرين وبتوظيف الفوج كاملا بل بلغ به الأمر إلى القول بأنه لو تم نقض المحضر بأي وجه من الوجوه فسينزل إلى الشارع ليطالب بتنزيل جميع بنود المحضر ،وهو ما خالفه بشكل صريح في قوله وفعله. إننا أمام ظاهرة في استعياب واحتواء جميع الحركات الاحتجاجية التي تطالب بحقوقها المشروعة والعادلة والتي لا تتجاوز سقف المطالب الاجتماعية والاقتصادية وذلك بامتصاص غضبها في قوتها، وبعدها الجلوس معها في مائدة الحوار لتوقيع أوراق عهود وقسم، وبعدها انتقام ومتابعة واسئصال للشأفة، فكان من الضروري أن يأخذ الحراك الشعبي بالريف حضره ويستحضر كل هذا قبل أي جولة حوارية، فدوام الحال من المحال؛ إذ لطالما سمعنا عن مكر الثعالب وكيف تقتنص ضحاياها بشكل ينم عن براءة في الإقدام ووقتل في الختام فبصبح العندليب رفسا جيدا له يشبع جوعه ويفترس أجزائه فكذلك هي الحركات الاحتجاجية مع الأنظمة الوظيفية.

*إلياس الهاني أستاذ مرسب من ضحايا الحوار مع الوزير لفتيت

اترك رد