العدل ورقي المجتمعات

بقلم: عبدالصمد لفضالي

لقد تم اليوم الأول من يونيو 2017 توديع جثمان المستشار السابق هلموت كول عن عمر يناهز 87 سنة٬ و تكريمه في نفس الوقت بمقر البرلمان الأوروبي بستراسبورغ رمز الوحدة الأوروبية، وذلك بما قام به هذا الرجل من جهود من أجل توحيد الدول الأوروبية بدءا بإسقاط جدار برلين سنة 1991م، و تعاونه مع الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران في إزاحة آثار الحروب الأوروبية- الأورروبية٬ كنقطة بداية للإتحاد الأوروبي، و ذلك في ما يعرف بالمحور الألماني الفرنسي، في حين أن أقزام التشردم والإنفصال٬ يستغلون داخل المجتمع الواحد تنوع الأعراق واختلاف المذاهب العقائدية٬ من أجل إذكاء النعرة العرقية و المذهبية لتحقيق أهداف مصلحية ضيقة، خدمة لقوى خارجية لا تستسيغ وحدة الشعوب “المستضعفة”٬ خوفا من أن تتحكم هذه الشعوب في قراراتها ضد السياسات الخارجية الإنتهازية المستقوية بحق النقض الدولي “الفيتو” باعتبارها دولا منتصرة و قوية بعد الحرب العالمية الثانية ( الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا، إنجلترا، فرنسا والصين )٬ حيث تتبادل هذه الدول القوية الأدوار اتجاه القضايا المصيرية للشعوب، مما يتناقض مع الديمقراطية التي بقدر ما ترسخها هذه الدول العظمى داخل بلدانها بقدر ما تجيش عملاء داخليين و خارجيين بهدف استغلال الصراعات الداخلية للمجتمعات التي لا زالت لم ترق إلى حل مشاكلها الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية بعيدا عن الركوب على الإختلاف المذهبي و العرقي كسوريا، العراق، اليمن وليبيا، وتهديد دول أخرى بنفس المصيرمن أجل ابتزازها وتصريف خردتها الحربية، وما الحملة السياسية “الإقليمية” ضد قطر إلا بسبب خروجها النسبي عن طاعة الدول المتحكمة في العلاقات الدولية ، واقترابها من دول “متنطعة” كإيران و دول أصبحت تتحكم في مصائرها كتوركيا. يجب على المجتمعات التي تئن تحث ويلات الصراعات العرقية و المذهبية أن تستفيد من تاريخ الدول المتقدمة (الولايات المتحدة الأمريكية 50 ولاية و الإتحاد الأوروبي 28 دولة ) التي لم ترق إلى ما ارتقت إليه من تقدم اقتصادي و قوة عسكرية وترسيخ ديمقراطي و حقوقي داخل حدودها إلا بنبذها لكل ما له صلة بالعنصرية العرقية و المذهبية٬ واستنشاق مجتمعاتها صباح مساء لمبدأ ” القانون فوق الجميع” بدون استثناء٬ و لقد ثبت واقعيا بأن أقوى ضامن لوحدة المجتمعات هو العدل٬ فجميع الأنظمة السياسية تتأسس وتقوم على أمل ارساء العدل والمساواة والتكافل الإجتماعي ٬ وتنهار بالفساد والإستبداد.

اترك رد