النخب السياسية بين الماضي والحاضر و الوطنية والانتهازية

بقلم: عزيز الدروش*

الأحداث الأليمة التي أدت إلى وفاة 15 إمرأة مغربية وجرح أخريات، تكشف بجلاء بؤس السياسة والسياسيين في مغربنا الحزين والجريح.
لقد ضحت أجيال الرواد من المناضلات و المناضلين الوطنيين والتقدميين في إطار حركة التحرر الوطنية بكل غالي ونفيس من أجل طرد المستعمر وإسترجاع إستقلال الوطن عبر إسترجاع السلطة الشرعية للبلاد و مشروعية الحكم وإلتفاف الطبقة السياسية حولها في إطار الإجماع الوطني  من أجل بناء الدولة المغربية الحديثة وتحقيق التنمية البشرية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية للوطن الأم. ولم يكن هؤلاء الرواد من المناضلات و المناضلين الثوريين المخلصين لثوابت ومؤسسات الأمة المغربية، يسعون إلى الإثراء عبر النضال السياسي أو التمكين لأسرهم وذويهم بإحتلال المواقع والمناصب والإنغماس في الريع بكل أشكاله.
على العكس، كان أباؤنا وأجدادنا الوطنيون الثوريون المحررون ينشدون بناء مغرب التنمية البشرية والديمقراطية الحقيقية عبر إرساء دولة الحق والقانون وإحترام المؤسسات…كان شغلهم الشاغل خدمة الوطن والمواطنين بتطوير التعليم والصحة والتربية والتكوين وإحداث البنيات التحتية وإرساء قيم الوطنية والمواطنة وخدمة الصالح العام.
لكن بعد أفول الجيل المؤسس للحركة الوطنية وبعده الجيل المخضرم، طفا على السطح جيل من السياسيين الحزبيين الفاشلين المنافقين والوصوليين ، حولوا البلاد إلى محميات خاصة لهم ولابنائهم وأهلهم وذويهم وهمشوا مسار التنمية البشرية والديموقراطية وتعويصها بتنمية الثروات وتركيز المصالح وخيرات البلاد في أيدي فئة قليلة خائنة ورجعية ظلامية ومتأمرة على على الدولة ورموزها ومؤسساتها وثوابتها، إستعدادا لتحقيق الهيمنة الإقتصادية وعبرها الهيمنة على المؤسسات السياسية وتغيير نظام الحكم بالبلاد لصالح خدمة أجندات الخارج والداخل من أعداء الوطن .
لذلك ، فان الأحداث المحزنة التي عرفها المغرب في محطات تاريخية مختلفة كانت أخرها أحداث الصويرة المفجعة، ما هي إلى نتيجة منطقية لإنحراف الطبقة السياسية والحزبية أساسا، عن أداورها ومهامها الدستورية الضرورية والتاريخية في تكوين وتنشئة وتأطير المواطنين وتربيتهم سياسيا على المواطنة والوطنية الصادقة ، وفضلت إستبدال الثقافة النضالية والممارسة الديمقراطية وتشكيل وتجميع النخب الكفؤة والمخلصة، بثقافة القطيع و الولاءات وتشجيع الريع والفساد والإفساد.
إن كارثة الصويرة، تشكل أخر إنذار وتدق ناقوس الخطر المحدق بالمغرب وبإستقراره وأمنه ومؤسساته الراسخة، وعلى المسؤولين في الدولة أن يستخرجوا الخلاصات الضرورية منها قبل تمكن الفاسدين والمفسدين من الطبقة الحزبية والسياسية من إحكام السيطرة على مقدرات وثروات ومؤسسات المجتمع، وبالتالي إحداث الاضطرابات والفتن تمهيدا لزحزحة الأمن والإستقرار وربما ما خفي كان أعظم، …عناك مؤامرة كبرى قد حيكت بليل وبتواطىء من مجموعة من المكونات الحزبية والسياسية بالمغرب، قصد إحداث التغيير ونشر الفوضى والدمار  في البلاد…إنها عصابات من السياسيين وقيادات هياكل حزبية وسياسية، لا تحب الخير للبلد ولملكه ولشعبه ومواطنيه…فئة ضالة من القادة الحزبيين الذين خربوا إقتصاد وإدارة وتعليم وكل البناء المؤسساتي الذي ضحت من أجله الأجيال الوطنية المناضلة الصادقة.
فحذار ي أن نترك العنان لكل المنحرفين الوصوليين المتأمرين على الشعب والوطن قصد إستنزاف خيراته وتفقيره ثم تهييجه وتوجيهه ضد المؤسسات الراسخة للأمة بغية الإنقلاب عليها وتحقيق مشروع الأخونة والعنف والتطرف والتياسر الذي يلتقي موضوعيا مع اليمين المتطرف الإخواني، سواء  في الوسائل او في الأهذاف.ألم يحن الوقت بعد كل ما اوقعوا البلاد فيه من أزمات وفتن وماسيئتي لكي يقوم رئيس الدولة عاهل البلاد، صاحب الشرعية والمشروعية التاريخية والدينية والمؤسسة بالدستور، بإتخاذ كل التدابير المنصوص عليها دستوريا في مثل هذه الحالات..؟؟؟ الشعب لا يثق الإ في المؤسسة الملكة، الممثل الأسمى للأمة، ضامنة لوحدة وإستقرار وأمن وطمأنينة المواطنين، من أن تباشر صلاحياتها الدستورية وتخلص الشعب من كل الشوائب الحزبية الإنتهازية والخائنة للعهد ؟؟؟ إننا ننبه إلى أن الوضع لم يعد يحتمل
أملنا في حكمة وتبصر ونجاعة ما ستقوم به المؤسسات الثابتة للأمة المغربية، فهي الحصن الحصين وملاذنا الأخير…كل عام وبلدنا المغرب بألف خير.
المرشح للأمانة العامة لحزب التقدم والإشتراكية*

اترك رد