مقال جديد وقوي للعماري يصرّ من خلاله على التحالف مع بنكيران

بعد يومين فقط من المقال الذي حُرّر باسم الياس العماري، والذي دعا من خلاله إلى مصالحة تاريخية، كتب إلياس مجددا مقالا آخر يصرّ من خلاله على المصالحة مع المختلفين معه ومع حزبه الأصالة والمعاصرة، في إشارة إلى حزب العدالة والتنمية، من اجل تشكيل حكومة مشتركة بينهما.

وتعبيرا منه على الإصرار في وضع اليد باليد مع العدالة والتنمية، والذي أتى في ظرفية دقيقة جدا تزامنا مع مشاورات تشكيل الحكومة، وظف مقال إلياس العماري من جديد عبارة “المصالحة التاريخية”، حيث جاء العنوان كالتالي: استطرادات في حاجتنا إلى مصالحة تاريخية شجاعة.

ودعما لفرضيته، استَحضر المقال المنسوب إلى سائق الجرار، تجربة اليوسفي وحكومة التناوب، وكذا تجربة نيلسون مانديلا، مستعملا هذا المقال، قالب أسلوب “فلسفة التاريخ” الذي أرسى دعائمه وأركانه، المفكر الإسلامي وملهم اليساريين عابد الجابري، حيث وجد كاتب المقال ضالته في طريقته للكتابة للتملص من توضيح الخطاب إلى العامة، وبصيغ بسيطة يفهمها الجميع، حتى لا يتم توريط حزب الاصالة والمعاصرة، والزج به في إحراج سياسي قد يعود بالجرار إلى فك قطع غياره، وانفراط عقده.

يذكر أن ابن كيران رفض التعليق على ما ورد في المقال الأول المنسوب إلى إلياس العماري، حيث لم يبدِ اعتراضه، مجيبا وبعبارة قصيرة، دعني لأفكر في الأمر، ما يمكن تفسير هذا الإلحاح من قبل الحزب المقرب من القصر، بأن ابن كيران قد يستجيب للإشارات، وإن على مضض، وتتحقق بذلك رغبة الجرار في تحقيق مصالحة تاريخية وشجاعة، لكي لا يقع في عزلة سياسية، تعجّل بوفاة هذه التجربة السياسية التي بدأت بسرعة قياسية وطموحة نحو قيادة الحكومة التي لم تفلح في الوصول إليها إلى غاية اليوم.

وفيما يلي المقال الثاني المنسوب إلى إلياس العماري:

استطرادات في حاجتنا إلى مصالحة تاريخية شجاعة

بقدر ما أثار مقالنا: “مقدمات في حاجتنا إلى مصالحة تاريخية شجاعة” من تحليلات وتعليقات وتفاعل فوري مع مضامينه ومعانيه القيمية ذات العمق الوطني والكوني، بقدر ما كشف، في المقابل، انسياقا انفعاليا متسرعا يغلب عليه منطق الإسقاطات التي يعج بها المشهد السياسي والإعلامي ببلادنا. وكأن انفعالات البعض كانت جاهزة حتى قبل قراءة المقال، إذ تحاشت التدقيق الموضوعي في مفاصله، وخلصت إلى استنتاجات ذاتية لا يتضمن النص إشارات لها لا تصريحاً ولا تلميحاً.

وإذ أعبر عن سعادتي برسائل الدعم والتقدير التي توصلت بها، دون انقطاع، من داخل وخارج الوطن، وإنصاتًا لصوت ضمير الوطنية الذي يسكنني، وتقديراً لنبل المسؤولية السياسية التي أتحملها في قيادة حزب الأصالة والمعاصرة، وإجلالاً لشرف التعاقدات التي يتقاسمها حزبنا مع أوسع فئات المواطنات والمواطنين، وبعيداً عن أي حسابات سياسوية ظرفية ومؤقتة تنتهز اقتناص الفرص والمناصب في إطار هندسة التحالفات؛ أجدني، لكل ذلك، مضطراً، لتوضيح أبعاد ومرامي انتصارنا لمقاربة المصالحة التاريخية الشجاعة كمدخل قيمي ومنهجي لتجاوز المظاهر السلبية للنسق السياسي وللمشروع الحضاري في بلادنا.

ولأن الفعل السياسي في حاجة إلى موجه من علم التاريخ، وإلى الاتعاظ بعبره وحكمه؛ فإنه، ولوضع وجهة نظرنا في سياقها الفلسفي، من المفيد استحضار قوة معاني التاريخ التي نبه إليها الفيلسوف والمنظر السياسي الألماني فريدريك إنجلز في مراسلاته، حينما كتب أن “التاريخ هو الأكثر قسوة بين كل معتقداتنا، وهو يقود عربته المظفرة فوق أكوام الجثث، ليس في الحرب فقط، بل وإبان التقدم الاقتصادي السلمي، ونحن الرجال والنساء أغبياء لسوء الحظ، لأننا لا نستجمع الشجاعة الضرورية للتقدم الحقيقي أبدا، إلا إذا حفزتنا إلى ذلك الآلام التي تبدو فائقة لكل وصف تقريبا”.

إن الدعوة إلى المصالحة لا تنفصل عن الدعوة إلى إعمال الفكر وقراءة التاريخ والاعتبار بدروسه. وإذا كانت الحاجة إلى التفكير والعودة إلى التاريخ أمرا ضروريا في طبع الإنسان، وبها يتميز عن الحيوان، فإن الاضطرار إليها يكون أكثر إلحاحاً عندما تُطوق الجروحُ والمآسي حياةَ الإنسان وتحول وجودَه إلى جحيم. فعندما ننفتح على آفاق الفكر ونتعقب تقلبات التاريخ، يبزغ الضوء في دروب السياسة ونكتشف جدارتنا بمعاني إنسانيتنا ومعاصرتنا.

ففي وطن وشمت تاريخَه القديم والحديث والمعاصر الكثيرُ من الجروح والصدمات، وعانى شرفاؤُه من آلام وانتهاكات ومآس، وعرفت أطوارُه خصومات لا تُنسى؛ مازلنا نعاني إعاقات تكبح تطور حضارتنا المتعددة الروافد، ومازالت بنياتُنا السياسية والاقتصادية والثقافية والمجالية والبيئية في حاجة إلى إعادة الترتيب على قاعدة مرجعية فكرية جوهرُها مصالحةٌ تاريخيةٌ شجاعة. ولنا عبرة في التقاء الإرادات الواعية الشجاعة والمسؤولة للروح الوطنية المغربية الصادقة، وفي مقدمتها إرادة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، أطال الله عمره، التي جعلت من مطلب المصالحة أفقاً تعاقدياً شجاعاً للتخلص من بطش الظلم والطغيان؛ وهو ما تَجسد لاحقاً، مع العهد الجديد، في خلاصات وتوصيات تقريري الخمسينية وهيئة الإنصاف والمصالحة، التي نعتز بتصديرهما في المرجعية التأسيسية للحزب.

ولأننا لا نكف عن نشدان مصالحة قيمية شجاعة بين أصالتنا ومعاصرتنا، وجواباً على عدة استفسارات حول معاني أصالة الإيمان والأمن في المقدمات، ومع تأكيدنا على سمو رسالة الإسلام الحضارية والإنسانية، فلنا في القرآن الكريم آية تعبر، بحق، عن أعظم الحكم الإلهية، وذلك في قوله تعالى في سورة الأنعام: “الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن”. فالإيمان الخالص بالله الذي لا يشوبه ظلم لا يمكن إلا أن يكون ضامنا لأمن الإنسان. وبروح هذه الآية الكريمة تتميز أصالة نموذج إسلامنا المغربي الحضاري بعمقه المعرفي وانتصاره لقيم المحبة والإيمان الخالص، حتى أصبح مرجعا يحتذى في التسامح والوسطية والاعتدال.

وبروح المصالحة الشجاعة، أيضا، وتقديرا لفضيلة إعمال الفكر، فإننا نستشعر الحاجة كذلك إلى فتح حوار هادئ ورصين وجامع بين المغاربة حول موروثنا الديني المشترك، ونموذج إسلامنا المغربي المتميز، وتنقيته من شوائب التكفير والدعوة إلى العنف والتطرف الدخيلة عليه، حتى نحمي أمننا الإنساني والروحي الثمين من شر المتربصين بهذا الوطن الآمن، ونعزز مكانتنا بين الأمم كنموذج حضاري متفرد يتأصل في كنف الاعتراف المتبادل والتعايش والتلاحم والسلم والأمان.

وأخيرا وليس آخرا، لنتعلم قيمة ورفعة مطلب المصالحة من تجارب وملاحم الأمم والشعوب، وأبطالها وقادتها الشجعان؛ من جذور الحكمة الإفريقية لنيلسون مانديلا، إلى التتويج الكولومبي بجائزة نوبل للسلام لسنة 2016، إلى افتتاح متحف التاريخ الإفريقي بجانب البيت الأبيض الأمريكي … ونجعل من نموذجنا المغربي في المصالحة الحقوقية محفزا لفتح أوراش المصالحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والثقافية والمجالية.

6 تعليقات
  1. علي يقول

    باعتبار المرحلة الحالية على مستوى الخريطة السياسية الوطنية
    وكمتتبع للشأن السياسي الوطني غير منتمي …
    اعتبر أن اليأس العماري كشخصية سياسية أنه غير قادر على اضافة ولو نوعية الحقل السياسي الوطني .. يجب عليه التنحي على أمانة حزب التراكتور ..
    هدا رأيي الشخصي في شخص العماري و أحترم كل الاراء الأخرى .. أما أن ينادي العماري بمصالحة ويسميها تاريخية هدا عبث و خواطر أقرب من الواقع … كان على اليأس أن يقبل و يتقبل شرعية صناديق الاقتراع لا أن يدخل في موجة من التبعات و العبث السياسي لتراه مرة ينادي بالمصالحة و يؤكد عليها بإلحاح و تارة أخرى يبعث رسالة للدوان الملكي يطالب من خلالها الملك بضرورة تعديل دستوري حول عدم منح آمين عام الحزب الفاءز بالانتخابات التشريعية , عدم تعيينه من طرف الملك لتشكيل الحكومة … غير مثالي بتداعياتها و لا بالحلول البديلة في خطوة فردية عقيمة ..
    ———-
    على العموم أنصح العماري يتقبل النتاءج التشريعية وأن يعطي المثل الجيد انطلاقا من نفسه و يتقبل الرأي و الرأي الآخر و كدالك أن يمتثل لديموقراطية الصناديق … لا يصدع رؤوسنا بالعمل الديموقراطي و تقبل الرأي الآخر … و عند أول امتحان يرسب و يعلن انقلابه على شعاراته و على اختيارات المواطنين ..!!!
    ———————
    من خلال كل هدا أرى أن عقدت العماري و الآخرين ممن يشككون في شرعية الصناديق رغم ما عشناه من تطورات خطيرة و ممارسات من طرف أعوان ااسلطة و قيادها و شيوخها بل حتى من طرف بعض وُلاتها .. و كدالك اااحدات التي سبقت انطلاق الحملة الانتخابية بأيام معدودات كالتضاهرة البيضاء حول أسلمت و اخونة الدولة …. الخ من أحداث ..
    أقول من خلال كل هدا أرى أن عقدت العماري و اامتبنيين لافكاره أن هته العقدة تجاوزت أن تكون منافسة بين حزب و آخر لتتحول لعقدة شخصية حول رجل واحد هو بنكيران ..
    لهدا أقول موجها كلامي العماري و غير أن يحاول البحث في عيوبه و يبحث أيضا في تفسير اخفاقه لا أن يبحث كيف يبرر فوز المصباح و بنكيران .. هدا أن كان حقا له نية جدية في العمل السياسي و إلى عليه أن يرحل …
    شكرا لتقبل رأيي الشخصي .

  2. مامبن مجمد يقول

    سبحانك يا مبدل اﻷحوال سبحانك يا جليل صرنا لا نفقه في السياسة “سياسة اﻹنتهازيين’غير البودالي نعل الله السياسة والسياسيين وأحزابكم أجمعين

  3. مامبن مجمد يقول

    نعلة الله علي السياسة و السياسيين وكذلك أحزابكم أجمعين سياسة الزحف علي المناصب …نقول بأن شباط اعطي حماره أو حميره التي شارك بها بمسيرة الرباط وحتي أنتم …….

  4. Nehro يقول

    رأيي الشخصي. .
    بعد كل النفخ وبكل الوسائل ومن كل الادرع …الفساد والتسلط والتحكم وكأنهم ينفخون في ميت سريريا شعبيا. .لانه كزب مرفوض منبوذ مند ان رأى النور وخرج من رحم التحكم …
    رغم كل النفخ والدفع والتمويل وتسخير كل الأجهزة والوسائل خسر الرهان وخسر معه كل من ناصره وعول عليه.
    الآن وبعد 7 أكتوبر فكنت حتى الأحزاب التي ركبت مركبه ان هذا الحزب كان سبب حرق أوراقها. .اكل من شعبيتها. ..
    وحتى يحصل على مزيد من الدعم والمصداقية المفقودة ، يريد ان يأكل رصيد العدالة والتنمية بطلب المصالحة. .وبعدها ذهب بعيدا ليطالب بالتحالف …
    والله ثم والله …ان قبل حزب العدالة بالتحالف. .وأدخل اللقيط على الحكومة ..تكون نهاية PJD. ..
    وان دخل Pam للحكم لن يغادر. ..وهو المتسلط خارجه، فكيف به ان ممكن بشكل رسمي…
    اتمنى ان يلعبها بنكيران سياسية لكن دكية حتى لا تحرق من أوراقه. ..
    وان كان pam صادقا عليه بالمعارضة الإيجابية. .
    نقطة

  5. عبدو 63 يقول

    إن تحالف العدالة والتنمية قد يسهل تكوين حكومة عمل يتم تقاسم الحقائب فيها حسب نسب الفوز وهي متقاربة بالمناسبة . لقد أهدرت التجربة الأولى التي تميزت بوضع العصى في العجلة وخلق المشاجرات التي استأسد فيها السيد عبدالاله بن كيران وحولها إلى نقط تعاطف من طرف الراي العام . ورغم ذلك كانت هناك اصلاحات شجاعة وجريئة مثل التقاعد الذي ساهم في توهيج صورة الوزير الأول كمسؤول شجاع قادر على تقليص أجر التقاعد ، الذي يعتبره المغرب الآخر ريع لصالح فئة تتفنن في تعذيب المواطن والمس بحقوقه . وهي نوع من العدالة الاجتماعية باعتبار هذه الاقتطاعات ستأجذها الدولة وليس السيد بنكيران.حزبان سيسيران الحكومة قد يساهم في رفع وتيرة العمل وابعاد أصحاب الصراخ الذي ساهم في ضياع الفرصة الأولى للحكومة .
    أما توزيع الحقائب على ملوك الطوائف وترك الادارة على غيها وبهتانها دون محاسبة ودون تتبع قد يلعب لصالح غوغاء الربيع العربي في نسخته الثانية والذي يركن مباشرة في المنعرج الأول . وشكر الله سعيكم .

  6. مغربي يقول

    حزب انتهازي و زعيمه انتهازي و مصلحي و أناني لا يعرف أبجديات السياسة. الهدف من هذه المناورة هو تحويل الفشل الانتخابي إلى نصر سياسي. بل هو نصب فخ سياسي لحزب المصباح و نكاية في المغاربة الذين رفضو حزب المحراث الخشبي.
    سيقع حزب المصباح في خطأ تاريخي مكلف للديمقراطية إذا قبل بهذه المصالحة (التاريخية) المزعومة.

اترك رد