لا ديمقراطية مع الانقلاب

بقلم: عبدالصمد لفضالي

معظم الذين أيدوا الإنقلاب العسكري بتوركيا من قياديي بعض الأحزاب السياسية المغربية و ولولوا على فشله، فعلوا ذلك لأن تسمية حزب أردوغان (العدالة والتنمية) ينطبق مع تسمية حزب بنكيران رئيس الحكومة المغربية، مما يبين جليا بأن هؤلاء “السياسيين العباقرة” لا يفرقون بين الديمقراطية و الإيديولوجية السياسية، و أن التغيير يكون عبر صناديق الإقتراع.

إن الشعب التركي الذي نزل إلى الشارع بكل أطيافه الإجتماعية والسياسية للتصدي للإنقلاب العسكري، لم يقم بذلك حبا في حزب أردوغان ولا رضى على سياساته الداخلية والخارجية، وإنما قاموا بذلك دفاعا عن الديمقراطية.

إن أردوغان قفز بتوركيا إلى باحة الدول العشرين المصنفة و المعروفة عالميا بتقدمها الإقتصادي، ولكن نهجه الأخير الهادف إلى تغيير سياسته الخارجية نحو “إصلاح” علاقة حكومته مع كل من إسرائيل و روسيا و سوريا، وكذلك تضييقه على الإعلام و وسائل الإتصال الإجتماعي كما يتهمه مناوؤوه، و الطريقة السريعة التي أفشل بها الانقلاب، ولائحة المشتبه بهم المعدة ربما مسبقا والتي توحي بأن أردوغان كان على علم بالإنقلاب الذي يحاك ضده، كل هذه المعطيات يمكن أن تتخذ ضد أردوغان كمبررات للتخلي عنه في محنته، كما أن المعارضة تعي جيدا بأن حكومة أردوغان ستتخذ من فشل الإنقلاب ذريعة لتطهير مؤسساتها من كل المشتبه بهم كمناوئين لإيديولوجياتها و سياستها، لكن الشعب التركي بما فيه المعارضة يعرفون جميعا بأنه يمكن تغيير الإيديولوجيا داخل اطار الديمقراطية بطرح البديل والاقناع، وأن الإنقلاب لا يمكن تغييره الا بإنقلاب آخر هم في غنى عنه، أو بثورة عارمة لا تبقي و لا تذر، كما يقع بجارتهم سوريا وتهدد دولا أخرى محكومة بإنقلابيين انقلبوا – ليلا – على الشرعية، كما وقع في مصر فبعد عقود طويلة من الديكتاتورية وحكم “القائد الملهم” انتخب محمد مرسي عبر اقتراع انتخابي نزيه لم يطعن فيه عالميا ولا جهويا ولا محليا، لكن اللوبيات الإنتهازية العالمية التي لا تطمئن الى ديمقراطية غيرها، ولا تستسيغ الإستقلال السياسي والإقتصادي للمجتمعات الأخرى مما يهدد مصالحها، جيشت طغمة عسكرية يقيادة عبد الفتاح السيسي الذي انقلب على الشرعية وعين نفسه رئيسا لمصر إلى حين إسقاطه بإنقلاب آخر أو بثورة شعبية.

اترك رد