وسط آمال عربية ممزوجة بمشاعر التشتت والوهن وعودة منشودة من أجل النهوض من جديد وحل أزمات الداخل العربي، تلتئم القمة العربية في دورتها العادية الثالثة والثلاثين بالمنامة بمملكة البحرين بعد غد الخميس في سياق إقليمي ودولي معقد، خصوصا بالنسبة للمنطقة العربية التي تسعى لأن يكون لها موطئ قدم في ترتيبات الساحة الدولية بالنسبة للمرحلة المقبلة.
كما أن هذه القمة تنعقد ومعظم الدول العربية تعيش ظروفا اجتماعية صعبة نتيجة الوضع الداخلي، حيث تستمر الأزمة بكل تداعياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية في كل من ليبيا ولبنان وسوريا واليمن والسودان والعراق والصومال، مع ما لذلك من تبعات على دول الجوار والمنطقة برمتها.
وتبقى القضية الفلسطينية بمثابة القضية المحورية في العمل العربي المشترك، وتمر في الآونة الخطيرة بمنعطف خطير يستدعي موقفا عربيا موحدا يدافع عن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وفقا لمواثيق الشرعية الدولية.
وضمن هذه القضية التي تعد قضية العرب المركزية ، أضحى لزاما على القادة العرب خلال قمة المنامة، تبني موقف موحد لوقف التصعيد بالاراضي الفلسطينية وإعادة تقييم مبادرات السلام التي لم تفلح حتى الآن في وقف عمليات الاستيطان الإسرائيلي، ولا في إعادة اللاجئين الفلسطينيين الى وطنهم ، بل ظلت عاجزة عن تحقيق هدفها الرئيسي في إقامة دولتين إسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنبا الى جنب في أمن وأمان.
وإزاء كل هذه الأوضاع، فإن قمة البحرين تعتبر فرصة بالنسبة للدول العربية لبحث إعادة ترتيب التوازنات الإقليمية وكذا بحث تعزيز التعاون والتنسيق وطرح مبادئ جديدة للتعاون الإقليمي والتحدث كقوة اقليمية منسجمة وموحدة تجعل بقية المجتمع الدولي يتعامل بنوع مع الجدية مع القضايا العربية.
وتتطلع شعوب المنطقة أيضا لأن يتمكن القادة العرب من صياغة رؤية جديدة لما ينبغي أن يكون عليه التضامن العربي والعمل العربي المشترك ، بما يتيح التصدي بحزم لكل ما من شأنه المساس بأمن واستقرار الدول العربية ، والتغلب على التحديات التي تواجهها ، والدفاع عن مصالحها العليا.
وفي هذا السياق يقول الكاتب المتخصص في العلاقات الدولية ،نبيل نجم الدين، في تصريحات لوكالة المغرب العربي للأنباء إن القمة العربية المقبلة تكتسب أهميتها من الظروف المحيطة بها إقليميا ودوليا ،مبرزا أن الوضع بالمنطقة العربية في حالة من التوتر السياسي وأيضا في حالة توقع انفجارات جديدة.
وذكر أن كل الجهود والمساعي التي بذلت حتى الآن بخصوص الملف الأساسي للقمة المتمثل في القضية الفلسطينية ، لم تسفر عن نتائج ومازالت الحرب على غزة مستمرة وتهدد بتوسعها إقليميا.
وتابع أن ثمة ملفات أخرى لا تقل أهمية من المنتظر أن تنكب عليها قمة البحرين، يتصدرها ملف أزمة الأمن في الممر الملاحي للبحر الأحمر والتي تؤثر سلبا على كل الدول العربية المطلة على البحر الاحمر وبحر العرب، وعلى إمدادات النفط العالمية.
ولفت إلى أن استمرار الهجمات التي تطال السفن التي تمر عبر هذا المجرى الملاحي مرتبط بشكل وثيق بالتدخلات الايرانية في شؤون الدول العربية.
وسجل أن العديد من الدول العربية أضحت ساحة لتدخلات اقليمية ودولية لا تساعد على الاطلاق في إعادة الاستقرار إليها وتؤثر على الامن العربي في مفهومه العام.
كما أبرز أهمية أن تنكب القمة على دراسة وتسوية الخلافات العربية العربية بما يساعد في تحقيق الامن الاستقرار ويحافظ على سيادة الدول ووحدتها الترابية.
وخلص الباحث نجم الدين إلى أن القادة العرب مطالبون بطرح تصورات جديدة تعيد النظر في العمل العربي المشترك وتتصدى بحزم لكل ما يحيط بالعالم العربي من مخاطر اقليمية ودولية كبيرة.
وفي الشق الاقتصادي فإن قمة البحرين ستبحث تحديث الأنظمة الاقتصادية العربية بما يسمح بالاستغلال المعقلن للقدرات الانتاجية لدول المنطقة وخيراتها بما يتوافق مع التقدم التكنولوجي ويسمح بالتالي بضمان الأمن الغذائي العربي.
وفي هذا الصدد سيبحث القادة العرب سبل إعطاء دفعة جديدة للتعاون الاقتصادي العربي الذي ما يزال دون التطلعات المرجوة حيث ما يزال حجم التجارة العربية البينية ضعيفا مقارنة مع تكتلات اقليمية اخرى.
فبحسب بيانات حديثة لاتحاد الغرف العربية، فإن حجم التجارة البينية العربية لا يشكل سوى 10 بالمائة من حجم مبادلات الدول العربية مع بقية العالم ويقدر بنحو 700 مليار دولار.
وسجل اتحاد الغرف العربية أن التجارة البينية العربية تحتاج إلى مزيد من النمو مع العمل على ضبط المواصفات والمعايير وإيجاد منظومة متكاملة للنقل واللوجستيات في المنطقة.