البرلمان الفرنسي يفتح أبوابه للقبايل: فرنسا تواصل خطواتها البرلمانية والجزائر تلتزم الصمت

استقبل مجلس الشيوخ الفرنسي، يوم الفاتح من أبريل الجاري، وفدًا من الحكومة القبائلية المؤقتة في المنفى (ANAVAD)، برئاسة فرحات مهني، زعيم حركة تقرير مصير منطقة القبائل (MAK). هذا الاستقبال البرلماني يأتي في وقت حساس في العلاقات بين فرنسا والجزائر، حيث يعكس تزايد الاهتمام الفرنسي بالقضية القبائلية، في ظل التوترات السياسية والدبلوماسية القائمة بين البلدين.

حدث سياسي ذو دلالة

استقبال فرحات مهني في مجلس الشيوخ الفرنسي لم يكن مجرد خطوة بروتوكولية، بل جاء ليعكس تفاعلًا فرنسيًا مع قضية طالما كانت موضوعًا حساسًا في الجزائر. فرحات مهني، الذي يواصل نشاطه السياسي في المنفى، يُعدّ من أبرز الشخصيات المدافعة عن حق منطقة القبائل في تقرير المصير، وله تاريخ طويل في محافل دبلوماسية دولية. استقباله في البرلمان الفرنسي قد يُنظر إليه على أنه إشارة من بعض الأوساط السياسية الفرنسية إلى أن القضية القبائلية لا تزال تحظى باهتمام داخل الساحة البرلمانية، رغم التحفظات الجزائرية.

الجزائر: صمت غير مفاجئ

رغم أن الجزائر تصنّف حركة “الماك” كمنظمة غير قانونية، لم تصدر حتى الآن أي ردود فعل قوية على هذا الاستقبال من قبل فرنسا. الصمت الرسمي الجزائري قد يُفهم في إطار رغبة الجزائر في عدم التصعيد في علاقاتها مع باريس، خصوصًا في ظل التطورات الدبلوماسية الأخيرة بين البلدين. لكنّ هذا الصمت قد يظل محطّ تأمل، خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار العلاقة المتقلبة بين البلدين على خلفية القضايا التاريخية والملفات الإقليمية.

الزيارة الفرنسية إلى الجزائر: خطوة نحو التقارب

في 6 أبريل 2025، زار وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو الجزائر، حيث التقى بالرئيس عبد المجيد تبون. وقد تم الإعلان عن اتفاق لاستئناف التعاون بين فرنسا والجزائر في مختلف المجالات، ما يعكس رغبة باريس في تقوية العلاقات مع الجزائر بعد فترة من التوترات. زيارة بارو، التي جرت في وقت قريب من استقبال فرحات مهني، تعكس تباينًا بين مواقف مختلف الأطراف الفرنسية، خاصة بين الحكومة الفرنسية والبرلمان، وهو ما يضع الجزائر أمام مشهد دبلوماسي معقد يتطلب متابعة دقيقة.

الدور البرلماني الفرنسي وتعدد المستويات السياسية

ما يميز هذا الحدث هو تأثير البرلمان الفرنسي في السياسة الخارجية على الرغم من أن السياسة الخارجية الفرنسية غالبًا ما تكون في يد السلطة التنفيذية. لكن استقبال فرحات مهني يكشف عن وجود تيارات سياسية في فرنسا قد تتبنى مواقف أكثر استقلالية تجاه قضايا مثل تقرير المصير في مناطق مثل القبائل. وقد يؤدي هذا التباين إلى تأثيرات على العلاقات الثنائية بين الجزائر وباريس، إذ أن المواقف البرلمانية قد تشكّل جزءًا من أبعاد السياسة الفرنسية التي قد لا تكون دائمًا متوافقة مع المواقف الحكومية.

التفاعلات السياسية تظل مفتوحة على كافة الاحتمالات

تُعدّ خطوة استقبال فرحات مهني في مجلس الشيوخ الفرنسي محطة دبلوماسية لافتة قد يكون لها تداعيات مستقبلية على العلاقات الجزائرية-الفرنسية. ورغم صمت الجزائر الرسمي، يبقى المستقبل مفتوحًا على احتمالات تطور المواقف الفرنسية في هذا الملف. في الوقت الذي تسعى فيه باريس إلى تعزيز علاقتها مع الجزائر، يبدو أن هناك تباينًا في كيفية التعامل مع القضايا الإقليمية الحساسة، وهو ما قد يشكل تحديات جديدة في مسار العلاقات بين البلدين

اترك رد