المقاومة الفلسطينيّة والعمائم الأمريكيّة
بقلم: رشيد مصباح
كما كان متوقّعا فقد باشرت طائرات (نتن ياهو) وعصابته المجرمة طلعاتها لقصف غزّة ومواصلة عملها المتمثّل في الإبادة الجماعية وتدمير ما تبقى من معالم حياة، دون مراعاة لبعض الأصوات التي تترجّاه بوقف قتل الأبرياء الذين لا ذنب لهم فيما جرى يوم الطّوفان، ودون الأخذ في الحسبان لبعض الأصوات من الدّاخل، والتي تطالب بالوقف الفوري للحرب، خاصّة من جانب أهالي الأسرى وبعض اليساريين الذين يترقّبون انتهاء الحرب لمحاسبة غريمهم السيّاسيّ “النتن” المجرم الفاسد المهدّد بالسجن.
يواصل المجرمون الصهاينة قتلهم للشعب الفلسطينيّ، مستغلّين في ذلك تواطؤ الأنظمة الغربية و العربيّة؛ هذه الأنظمة التي تمسك العصا من الوسط ليتها أعلنت تأييدها للصهاينة جهارا نهارا، بدلا من موقفها الخجول الذي لا يمّ سوى عن أحد أمرين: إمّا الضّعف وإمّا التواطؤ. لكن في المقابل هناك من يوجّه اللّوم إلى الشعوب العربية أيضا وحتى نكون منصفين؛ على البرودة والتّماهي مع أنظمتها الخانعة الخائنة.
تعود آلة الدّمار من جديد لإبادة وتدمير ما تبقّى كم كعالم حياة، وكنا نعتقد أن الذي فعلته المقاومة مع الأسرى الذين فارقوا غزّة بالدّموع سيجعل هؤلاء الصهاينة يراجعون مواقفهم ويوقفون هذه الحرب القذرة من باب الشهامة والمروءة. لكن إيقاف الحرب يعني إعلان الهزيمة وهذا ما يرفضه (نتنياهو) وحكومته المجرمة. لذلك، معاملة الأسرى، بل وحتّى قتلهم لا يعني شيئا بالنسبة للعصابة اليمينيّة الصهيونية المجرمة وعلى رأسها “النّتن” المهدّد بالسّجن.
هذه العصابة اليمينيّة المتطرّفة هي من وراء كل المصائب وما يحدث للمواطنين الفلسطينيين، بسبب سياستها الفاشية الاستفزازية التي تشجّع على مطاردة الفلسطينيين وقتلهم أينما كانوا.
وبينما الآلة الجهنّميّة تواصل عملها الإجرامي في غزّة، نقف نحن هنا سامدون؛كأنّ ما يجري في غزّة لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد! وهنا يجب طرح السؤال الذي لامفرّ منه:
هل نحن كعرب ومسلمين معنيّين بما يجري في غزّة؟.
لأن جميع القرائن تدلّ على تواطؤ الشعوب العربية والاسلامية بصمتها وتخاذلها، وبتماهيها مع الأنظمة الخانعة الخائنة.
ولا يمكن بأيّ حال أن نمنّ على أهل غزّة بإرسال بعض المساعدات على استحياء من التي حملتها الشّاحنات وهي تجرّ أذيال الخيبة والعار، وبما فيها من أكفان. وأهل غزّة ليسوا في حاجة إلى أكفان ولكن إلى أسلحة وإلى مواقف.
يرسلون الأكفان إلى غزّة بدلا من إرسال الأسلحة وفتح المعابر!
يرسلون الأكفان إلى جثث تحلّلت تحت الرّكام بعدما تعذّر دفنها بطريقة عادية. لم تعد الجثث في حاجة إلى الدفن؛ كما أن هناك فتوى تقول “إن الشهيد يدفن بثيابه”.
شهداء غزّة وفّروا عليكم هذا العناء المتمثّل في التكفين والدفن؛ كما هو سائد ومعمول به عند سائر الأمم وكما هو سنة من السّنن حق مكفول لكل من كانت له صفة الآدميّة؛
لكن أهل غزّة “حيوانات بشرية” _ كما قال عنهم المجرم “يوآف غالانت”_ وزير دفاع الكيان الصهيوني، وليسوا معنيّين بهذه الأكفان والمراسيم، ويجب دفنهم أحياء بتفجير المباني فوق رؤوسهم .
قمّة الوحشيّة؛ في عالم يحرص على حماية البيئة والمناخ، ويتطلّع إلى مستقبل أفضل للبشرية!؟
بمجرّد تسليم الأسرى الذين حظوا بواجب الضيّافة؛ كما تنصّ عليه البروتوكولات والمعاهدات والأعراف، والاتّفاقيّات الدوّلية بما في ذلك اتفاقيّة جنيف، وحقوق الإنسان… تعود آلة الدمار لتخرج ما في جوفها من حقد دفين وبغض كبير لهؤلاء المقاومين الذين ينوبون عن العرب والمسلمين في دفاعهم المستميت على ثغر من ثغور الجهاد والمرابطة.
هذه المقاومة التي يتمّ شيطنتها بصورة مغرضة من طرف بعض المشايخ في بعض الدوّل العربية وليس الغربية؛ بما في ذلك المطبّعة و التي في طريق التطبيع.
هذه المقاومة التي قلبت الطاولة وأسقطت الأقنعة من على وجوه أصحابها الخائنين فبان قبحهم. لذلك لم تتردّد بعض الأنظمة العربية العميلة في تقديم كل الدّعم للكيان المجرم في حربه الجائرة على المقاومة وشعبها. هذه الفصائل الفلسطينيّة التي تدافع نيابة عن كل إنسان نزيه و شريف فوق هذا الكوكب.
غريب أمر هذه الأمّة التي لم تعد حرّة حتى في الدّعاء لأهل غزّة بالنّصر والثبات!؟
وأغرب منه هؤلاء المشايخ الذين بلغ بهم الأمر حدّ التماهي مع أنظمة مطبّعة تخون العهد وتبيع القضيّة!؟
هل هذا من العرف أوالدّين؟
أين الشهامة؟ أين المروءة؟
“غزّة”؛ قضية كل إنسان حر نزيه وشريف.
وليست “غزّة” قضية العرب والمسلمين فحسب.
وأمّا “العمائم الأمريكيّة” كما قيل عنهم، فهي تصدر فتاويها تحت الطّلب، ليقتتل المسلمون فيما بينهم، نزولا عند رغبة الصهاينة الأمريكان وليّ أمرها، في الحقيقة لم تفاجئنا بموقفها الغريب هذه المرّة.
إلى متى هذا السّمود وفصائل المقاومة التي تدافع نيابة عن كل إنسان حر نزيه وشريف، تقاتل لوحدها عدوّا مجرما ومحتلا غاصبا تحدّى كل الأعراف؟
إلى متى هذا التجاهل من طرف القوى العالمية وعلى رأسها الأنظمة الغربية وبعض الدوّل العربية التي تستكثر على الشعب الفلسطيني مقاومته للكيان المجرم الغاصب الذي ضرب بكل المعاهدات والاتّفاقيّات الدوّلية عرض الحائط، وراح يمعن في قتل النساء والشيوخ والأطفال الأبرياء بلا هوادة، ويدمّر المستشفيات ويفجّر المباني فوق رؤوس الأحياء… مستغلا في ذلك تعاطف الغرب وتواطؤ بعض الأنظمة العربيّة الخائنة؟