بيان مترنّح يكشف ارتباك الجزائر أمام الدعم الأمريكي لمغربية الصحراء
جاء البيان الصادر عن وزارة الخارجية الجزائرية يوم الثلاثاء 9 أبريل 2025 كمحاولة خجولة للرد على التصريحات القوية للسفير الأمريكي بالمغرب، التي جدّد فيها دعم بلاده الصريح لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل واقعي وجاد للنزاع الإقليمي حول الصحراء. غير أن لهجة البيان الجزائري لم تكن سوى انعكاس لحالة تخبّط دبلوماسي تعيشها الجزائر منذ سنوات، ازدادت حدتها مع توالي الاعترافات والدعم الدولي للموقف المغربي.
فبينما تُعرف الجزائر بسلوكها العدائي المتشنج تجاه دول مثل إسبانيا وفرنسا، حيث سارعت سابقًا إلى سحب سفرائها من مدريد وباريس احتجاجًا على مواقف أقل وضوحًا من الموقف الأمريكي، فإنها هذه المرة آثرت الصمت شبه التام، وأصدرت بيانًا باردًا افتقر إلى الجرأة في تسمية الأشياء بمسمياتها، وتجنب ذكر الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر، في موقف يُظهر ترددًا غير مسبوق في مواجهة دعم قوة عظمى لمغربية الصحراء.
البيان اكتفى بترديد عبارات عامة من قبيل “التمسك بالشرعية الدولية” و”حق الشعوب في تقرير مصيرها”، دون تقديم موقف دبلوماسي واضح، أو أي رد عملي على التصريحات الأمريكية الأخيرة. وهو ما قرأه مراقبون كعلامة واضحة على إدراك النظام الجزائري لوزن الموقف الأمريكي، وعدم قدرته على تحمّل تبعات الدخول في مواجهة مع واشنطن، على عكس سلوكياته المتكررة تجاه عواصم أوروبية أقل تأثيرًا.
المفارقة الكبرى أن هذا البيان جاء في وقت ما تزال فيه الجزائر تروّج داخليًا لخطاب “القوة الضاربة” و”المواقف السيادية”، وهو ما يزيد من انكشاف تناقضها بين الخطاب الشعبوي الداخلي والممارسة الدبلوماسية الواقعية، خصوصًا حين يتعلق الأمر بملف الصحراء المغربية، الذي ما فتئ يفضح حدود مناوراتها وخطابها الرسمي.
دبلوماسية مزدوجة، ولهجة مرتبكة، وردّ فعل يفتقر للثقة… هكذا كان المشهد الجزائري أمام موقف أمريكي وازن، لا يكتفي بتجديد الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، بل يدعو بشكل صريح إلى اعتماد مبادرة الحكم الذاتي كأساس للحل. وفي المقابل، لم تجد الجزائر ما تقوله سوى بيان مترنّح، يوحي أكثر بالعجز منه بالاعتراض.