.. جمال الزبدة ..!
بقلم: مسرور المراكشي
عادة لا أقوم بمدح القادة، ولا أحب كل مداح متملق، فهي عادة سيئة ابتلي بها العمل السياسي، في عالمنا العربي والاسلامي منذ زمن، حتى قيلت قصائد عديدة في ما سمي بالشعر التكسبي، تمجد الحاكم وتبالغ في وصف منجزاته العظيمة..!!، والحقيقة هي أن أغلب هؤلاء لا هم كرام ولا أبطال ولا يحزنون، لكنني عندما أذكر رجالا: كـ(أبو عبيدة) أو (محمد الضيف) (صدام حسين) وغيرهم، والذي انا الآن بصدد كتابة هذا المقال تقديرا له، لا أقوم بهذا العمل كنوع من المدح أو التملق المجاني، لأنهم ببساطة شهداء أو مشاريع شهادة، إذن لا أنتظر منهم ترقية أو كسب مادي، لكن الهدف هو حفظ سيرة هؤلاء الرجال من النسيان، وجعلهم قدوة للشباب في ميدان الكفاح والتضحية، وخاصة أن كثرة العملاء في زماننا هذا أصبح يهدد استقلال البلدان، والآن وبعد هذه التوطئة المختصرة، يمكن الحديث عن أحد هذه القامات الشامخة، إنه الشهيد جمال الزبدة من كتائب القسام، فلا يغرنكم لقب الرجل (الزبدة)، والله إن الزبدة والعجين الرخو بعينه هم قادة العرب، أما صاحبنا هذا فقد قدت إرادته و عزيمته من حجر الصوان، وإنه لصهارة بركان تغلي شوقا للوطن وللشهادة، إن جمال الزبدة لم أكن أعرفه شخصيا ولا سمعت عنه من قبل، إلا بعد أن ذكره القائد السنوار ومدحه وأثنى عليه خيرا، حيث قال: (إن جمال الزبدة كان مهندس ميكانيك، له أبحاث في تطوير محركات الطائرات، اشتغل في وكالة الفضاء الامريكية ناسا، وقرر العودة إلى الوطن سنة 1994، ليشتغل مع المقاومة الفلسطينية المسلحة، ولقد جرت محاولة اغتياله في حرب غزة 2012، ثم محاولة أخرى فاشلة قصف فيها بيته في حرب غزة 2014، ثم تمكن العدو من تصفيته مع نجله أسامة في 2021)، رحمه الله وتقبله في الشهداء والصالحين، لو أراد زخرف الحياة الدنيا ومتاعها الفاني، لكان له ما أراد و زيادة، لقد كان في مركز مهم وفي دولة الدولار، التي يسيل لها لعاب ملايين الأفراد في العالم، وذلك لمجرد الحصول على بطاقة الإقامة فيها، لكن جمال جعل أمريكا وراء ظهره، ثم ولى وجهه شطر وطنه فلسطين، وهو يعلم خطورة قرار العودة إلى غزة، حيث الحصار والقصف وصعوبة العيش، لقد عاد ليكون في خدمة المقاومة المسلحة، حيث عمل على تطوير صواريخ المقاومه، ليصل مداها لكل فلسطين المحتلة، ويدك مستوطنات بني صهيون و يرعب اعداء الله، إن اختيار جمال طريق التحرير الصعب، وهو يعلم جيدا الثمن المطلوب دفعه من أجل ذلك، وقد نال الشهادة فعلا كما أراد على أرض غزة، جعل الله هذه الصواريخ في ميزان حسناته، ونرجو من الله أن تكون له صدقة جارية إلى يوم الدين، المفارقة العجيبة أيها السادة هي في وجهة السفر، بين فلسطيني مقيم في رغد عيش، ومع ذلك يختار العودة للوطن رغم خطورة الوضع الأمني، وبين مستوطن يفضل الهرب إلى خارج الوطن، رغم توفره على كل ضمانات العيش الرغيد، حيث يفر عند أو طلقة رصاص أو سقوط صاروخ، لقد اتخذ الصهاينة قرار طرد فلسطينيين، خارج الوطن بعد عملية أسر ضابط صهيوني، في سنة 1992 من طرف كتائب القسام، فكان الإبعاد إلى مرج الزهور في جنوب لبنان، وهم حوالي 418 مبعد من بينهم الشهيد الرنتيسي، والزهار والقائد اسماعيل هنية وآخرون، المهم أن العدو ضغط على دول أوروبا، كي تمنح تأشيرة عمل لكل راغب في ترك مخيم العودة، لكن كان الجواب بالإجماع لا عودة إلا للوطن، وهذا ما حدث فعلا بعد صمود المبعدين، لقد كسر صمودهم معادلة المنفى خارج البلاد، ولأول مرة تضطر اسرائيل إلى التراجع عن هذا القرار.. واليوم المقاومة تجبر العدو على قبول شروط الهدنة. وذلك بعد تعنت العدو في بداية معركة طوفان الأقصى، واليوم ينقض كل شروطه واحدا تلو الآخر، وذلك تحث ضغط ضربات المقاومة الفلسطينية الباسلة، وإنه لجهاد نصر او استشهاد.