“سمير عبدالمولى: رؤية اقتصادية استباقية تحتاج إلى دعم الدولة لتحقيق قفزات استراتيجية للمغرب”

بقلم د. وصفي بوعزاتي

قبل خمس سنوات، زارني صديقي سمير عبد المولى بمكتبي، حاملاً بين يديه دراسة متكاملة حول مشروع خط بحري يربط مدينة أكادير المغربية بالعاصمة السنغالية داكار. ما ميز هذه الزيارة لم يكن فقط حجم الجهد المبذول في إعداد هذه الدراسة، بل رؤية سمير التي كانت تتجاوز التفاصيل التقنية، لتستعرض مشروعًا استراتيجيًا يعزز مصالح المغرب الوطنية ويرسخ روابطه مع عمقه الإفريقي.

جلسنا لنناقش المشروع لأكثر من أربع ساعات. تناولنا خلال النقاش مختلف جوانبه، من الأبعاد الاقتصادية إلى التأثيرات الجيوسياسية. كانت رؤية سمير واضحة وواقعية: هذا المشروع يمكن أن يتحول إلى ورقة ضغط استراتيجية، تُستخدم لخدمة المصالح العليا للوطن، وربط المغرب بأريحية تامة بعمقه الإفريقي، الذي يمثل ركيزة أساسية في السياسة الخارجية للمملكة.

اليوم، بعد سنوات من ذلك اللقاء، رأينا مشروع سمير عبد المولى يرى النور، عبر شركة “أطلس مارين” البريطانية، التي شاركت في إطلاق هذا الخط البحري الحيوي. هذا الإنجاز ليس مجرد خطوة اقتصادية، بل هو تجسيد عملي لرؤية استباقية تميز بها سمير، تُبرز مدى أهمية دعم الأفكار الطموحة والعمل على تنفيذها بشكل يحقق المصالح الوطنية.

في ظل المتغيرات الجيوسياسية الراهنة، حيث تحاول أطراف إقليمية مثل الجزائر وموريتانيا تشكيل تكتلات تهدف لعزل المغرب وتقييد نفوذه الاقتصادي في غرب إفريقيا، يأتي هذا المشروع كدليل على قدرة المغرب على الرد بشكل حاسم واستراتيجي. التحالف مع السنغال، الدولة التي أثبتت دائمًا دعمها الثابت للمغرب في القضايا الدولية، هو نموذج للتعاون البناء الذي يمكن أن يتحول إلى شراكة استراتيجية تُحدث فرقًا حقيقيًا في المنطقة.

سمير عبد المولى، الذي عُرف سابقًا بنجاحاته في قطاع النقل البحري، مرّ بمراحل مختلفة شكلت شخصيته وأثرت على رؤاه الاقتصادية. اليوم، وبعد نضج تجاربه وتغيير بعض الأفكار التي ربما أعاقت تقدمه في الماضي، نجد أمامنا شخصية تمتلك من الخبرة والجرأة ما يجعلها قادرة على الإسهام بشكل أكبر في خدمة المصالح العليا للوطن.

وعليه، أدعو كل من يهمه الأمر، سواء من صناع القرار أو الفاعلين الاقتصاديين، إلى الالتفات بجدية إلى أفكار سمير عبد المولى ومساندته في تنفيذ مشاريعه الاستباقية. هذه المشاريع ليست فقط استثمارًا اقتصاديًا، بل هي استثمار في رؤية وطنية تحتاج إلى دعم وتشجيع. سمير عبد المولى أثبت أنه قادر على ترجمة الأفكار إلى واقع ملموس يخدم الوطن، ويستحق أن يكون ضمن الأسماء التي تُمنح الفرصة لتقديم المزيد.

إن المغرب في حاجة إلى مثل هذه الرؤى الطموحة التي لا تكتفي بمواجهة التحديات، بل تسعى لتحويلها إلى فرص تعزز مكانته الإقليمية والدولية.

وفي الختام، أؤكد أن ما أكتبه اليوم ليس دفاعًا عن صديق أو محاولة لتلميع صورة أحد، بل هو تعبير صادق عن قناعة راسخة لدي بأن هذا الوطن يستحق أن يُدافع عنه كل من يؤمن بقضيته ويعمل بجد وإخلاص لخدمته. سمير عبد المولى مثال حي على ذلك، ورؤاه الاقتصادية ليست سوى انعكاس لحب كبير لهذا الوطن ورغبة صادقة في تحقيق ازدهاره.

أنا لا أدافع عن الأشخاص، بل أساند الأفكار التي أرى فيها بصيص أمل ومستقبلًا أفضل للمغرب. وكل من يحمل قلبًا صادقًا وأفكارًا جريئة تخدم مصلحة الوطن يجد مني كل التقدير والاحترام. لأننا، في نهاية المطاف، نعيش تحت مظلة وطن واحد، وكل جهد مخلص هو خطوة نحو تحقيق تطلعات شعبنا ومستقبل أجيالنا.

اترك رد