بقلم: زهير بدر
الصين تدق ناقوس الخطر لضياع الرجولة..
تخطط الصين حاليا وباهتمام كبير لإضافة مادة عن (الرجولة) في المناهج الدراسية الأولى، حيث لاحظ المسؤولون أن فتيان هذا الجيل أصبحوا ناعمين (وأنثويين وحساسين أكثر من اللازم).
هذا الطرح الجديد أو هذه الخطة الجديدة أثارت نقاشاً حاداً حول ماهية الأدوار والوظائف الجديدة للجنسين، حيث وضحت الحكومة الصينية عن طريق المستشار الصيني سي زيفو: (إن ربات البيوت والمعلمات أفسدن الصبية الصينيين في المدارس). وقال أيضا: أن الأولاد سيصبحون قريباً (حساسين وخجولين وربما شاذين) ما لم يتم اتخاذ إجراءات جادة وسريعة لمعالجة هذه القضية الاجتماعية الخطيرة.
بل أكد الرجل أن هذا الأمر بالنسبة للصين يعتبر (أمناً قومياً) ومحذراً من أن (تأنيث) الأولاد الصينيين (يهدد بقاء الصين وتنميتها) المستقبلية.
– مبادرة لتنمية الرجولة:
كان في السابق يُنظر لفترة التجنيد العسكري للصينيين كإحدى الحلول الممنهجة لعودة الخشونة والرجولة للشباب الصيني، ولكن بحسب تقارير خاصة أفادت أن الوقت حينها يكون قد تأخر كثيرا (ولم يعد التصحيح والتعديل ممكناً) لذلك صدر قرار وزارة التعليم الصينية بإعداد خطط (لتنمية الرجولة) لدى الأولاد من رياض الأطفال وحتى المرحلة الثانوية.
– تتضمن المبادرة:
1 . زيادة توظيف الرجال كمعلمين في الصفوف الدراسية، وكذلك كمدربين في الصالات الرياضية.
2 . تشجيع الطلاب على ممارسة الرياضات الجماعية العضلية الخشنة.
3 . الابتعاد عن الألعاب الالكترونية.
4 . دعم البحث في قضايا مثل مدى تأثير ظاهرة مشاهير الإنترنت الشواذ على قيم المراهقين.
تأتي هذه الخطة في أعقاب تحذير واسع من الباحثين في الصين، من أن الأمة الصينية تعاني من أزمة رجولة وأزمة وطنية.
“الرجولة في خطر” هذا هو خلاصة الكتاب الذي أصدره الطبيب الفرنسي أنتوني كلير، منوهاً إلى أن الحياة المعاصرة في الدول المتقدمة أفقدت الرجال خصائصهم الجسدية والنفسية والأخلاقية أيضا، وأن الرجل البسيط في الغابة أو الصحراء هو أكثر رجولة من ملوك المال والصناعة والتجار والموظفين الجالسين وراء مكاتبهم.
ويرى الكثيرون أن صورة الرجل لتتشابه تماما مع صورة المرأة إلى حد (خطير) فبات نجوم الغرب الذين لا يحملون القيم، هم القدوة والمثل وصناع الموضة والشهرة ويظهرون في صورهم بالأقراط في آذانهم ويعتمرون (الباروكات) ويعلنون وهم في كامل مكياجاتهم عن زواجهم بمثليين.
بعض الباحثين من ثقافات شتى يدقون ناقوس الخطر وينبهون إلى أزمة الرجولة في العالم بسبب زيادة الاختلاط وغياب الفاصل النوعي، حيث أصبحت أكثر المدارس تقوم بالتدريس فيها النساء، وهو ما يرجعه كثير من الباحثين إلى الثورة النسوية في ضوء الحملات المناهضة للتحرش، والمطالبة بمساواة الجنسين في الحقوق والواجبات والدعوة إلى (تمكين المرأة).
انقلبت الصورة رأسا على عقب، فبعد أن كانت الأنثى تقلد الرجل ملبساً وحلاقة، فقد تغير الحال وأصبح الشاب يقلد الأنثى ويزداد رقة وانكسارا.
هذا هو الأمر الذي انعكس سلباً على المجتمعات من خلال ضياع دور الرجل في المجتمع وضاعت المسؤولية الأبوية في المنزل.
صحيفة (لوفيغارو) الفرنسية والباحثة أوليفيا غاوزالي عبروا عن أسفهم و(شفقتهم على هؤلاء الرجال الذين أجبروا على الاعتذار عن كونهم رجالا) أما الفيلسوف الفرنسي فرانسوا أوشي فعلق قائلاً: لا يمكن أن نظل غير مبالين بالتغيير (الأنثروبولوجي) الذي يتم أمام أعيننا في عالم لم يعد يبرز فيه ما يدل على أي فوارق بين الجنسين.
ظل العالم مؤخراً يركز بشكل طبيعي على تمكين المرأة على جميع المستويات، لكن كيف يتم هذا التمكين بحيث لا تؤثر هذه (الثورة الأنثوية) على الجنس الآخر..؟
طرحت الكاتبة الفرنسية لاتيتا بونار في كتابها (هل عفا الزمن على الرجال..؟)، والذي حوى تشخيصاً واقعياً يؤكد فيه تراجع ترتيب الرجال مستعينة بالعديد من الدراسات. فالمرأة استفادت كثيرا من التكنولوجيا في سد حاجتها عن الرجل بفضل التخصيب الصناعي وغيرها من الأمور في الوقت الذي لم تعد فيه القوة البدنية للرجال ذات فائدة اجتماعية.
تتهكم الكاتبة الفرنسية وتقول: أعتقد أننا نطلب المستحيل من الرجال حيث نطلب منهم أن يكونوا أقوياء وضعفاء في نفس الوقت، وقساة ومتفهمين وشديدين في الخارج، ولطفاء ورومانسيين بالمنزل، لذلك أصبح الكثير من الرجال يميلون إلى الفرار من الواقع تاركين مسؤولية إدارة العالم للنساء فيزداد الطلاق.
وزاد كذلك العزوف عن الزواج، وكثر العزاب من الرجال والنساء وبأيدينا خربنا (فطرة الله في خلقه) بأفكار شاذة، وقوانين مشجعة على ذلك، وفقد الرجل (دوره)، وأصبح يتعامل بالمثل فخرج لنا أفكارا مثلية ليتزوج الرجل من رجل للحصول على (بديل انتقامي) من المرأة.
ولم يسلم من ذلك العالم العربي والإسلامي بل صار يتبع الغرب سننا بسنن حتى إذا دخلوا جحر ضب خرب تبعوهم اليه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل الصحابة النبي أنحن يا رسول الله قال فمن؟.فإذا كان هذا تبدل في عقيدة ومنهج الغرب في الحياة فهذا قد يكون أمرا مقبولا لأمة لم يعد للدين وللقيم فيها دور في الحياة العصرية خصوصا بعد الثورة الفرنسية التي حطمت كل الخطوط والحدود وصار الانسان عبدا للشهوات والتيارات الجارفة الموجهة من قبل فكر تارة ينعت بالماسوني وتارة أخرى باللاديني أو العدمي .فبالرجوع الى التاريخ كان العرب يرسلون أبناءهم إلى البادية ليتعلموا الشجاعة، والفصاحة، والفروسية، وقوة التحمل، ويؤكدون التزامهم بالأخلاق والعادات والتقاليد، وتكون أجسادهم صحية في جو نقي بعيدا عن المدن وملوثاتها وضجيجها وثقافتها.
الآن نسأل كيف أن الكثير من الأبناء كانوا يذهبون سابقاً مع آبائهم إلى الحقول، وأماكن الكد، وتعلم حياة وتراث أهلهم وأجدادهم، ولكن بسبب القوانين الجديدة والاشتراطات الكثيرة التي تسببت في نفور الشباب، وبعدهم عن ممارسة هوايات وأعمال أجدادهم حدث نوع من العزوف والانكفاء على الذات ليصبحوا فريسةً سهلةً للأفكار الخارجية الهدامة.
حينما تشاهد بعض الشباب في المولات والكافيهات والمطاعم والصالات وترى تسابقهم على الصالونات وعيادات التجميل فلا تسأل كيف تقلصت الرجولة وأصبحت صورة من الماضي.
أصبحت الشجاعة والمروءة والشدة في البأس للقراءة والإطلاع فقط ومجرد صور مرسومة في طيّات الكتب المدرسية.