يقتضي الالتزام الحضاري والتاريخي من المسلم المعاصر الاطلاع المباشر والمستمر على ما ينشر عنه حول العالم في كل اللغات التي تتوفر له سبلها والناظر في “المسلم” لفظا وفردا وفكرا في الفكر الغربي المعاصر يتبين له بكل يسر أن هذا المصطلح يكاد يترادف مع مصطح “الآخر” وأن صورة المسلم الآخر صورة تمثيلية صناعية وليست مطابقة للمعطيات الموضوعية المكونة للمسلم في حد ذاته والآخربة مقولة تشكلت مع مدارس “النقد ما بعد الاستعماري” وهو نقد منهجي تشكل في المرحلة ما بعد الاستعمارية وسعى إلى تفكيك مختلف البنى المادية والرمزية التي حاول الاستعمار إرساخها في عقول المستعمرين ونفوسهم، عنهم وعن رؤاهم وعن مكانتهم عند أنفسهم وعند غيرهم، ثم تدعمت هذه المقولة مع مدارس النقد ما بعد الحداثوي وهو نقد منهجي سعى إلى تفكيك المقولات الحداثوية الغربية وتحطيم أساطير المركزية الغربية في ادعاءاتها حول اطلاقية المفاهيم وتعالي العقلانية وكونية الحقيقة من وجهة النظر الغربية وصلاحيتها لكل شعوب الأرض ولكن هذه الآخرية تتحول إلى صناعة حينما ترتبط بفن التمثل ولا ترتكز على المعطى الموضوعي فتصير أنت آخرا بالنسبة إلى لا انطلاقا مما يميزك عني طبيعيا أو ثقافيا بل انطلاقا من كيفية تمثلي لك فتتحول عندي من كائن وجودي طبيعي إلى كائن تمثلي ارتسامي فإذا وصلنا هذا الاستتتباع النظري بما نحن بصدد تحليله نقول: إن الفكر العربي المعاصر بكل مكوناته منظورا إليه من الفكر الغربي هو نتيجة مباشرة لفن التمثل الغربي لهذا الفكر اعتمادا على ظاهرتين هما: الاستشراق والاسلاموفوبيا والاستشراق هو خطاب مركب ومعقد ومضلل يظهر عكس ما يبطن ويوري عكس ما يخفي لا كما نظرت إليه كثير من الدراسات العربية التبسيطية الاختزالية بصفته فكرا متهافتا وخطابا مفككا متناقضا.
والإسلاموفوبيا: بصفتها ظاهرة حضارية مركبة من طبقات تراكمية متراصفة فيها الاعلامي والفكري والسياسي ولكنها ظاهرة توحي بنقيض ما تعلن حتى تبدو منسجمة مع منطلقاتها وأهدافها.