ليس عبثا واعتباطا أن تنعت الصحافة بمهنة المتاعب، وذلك للمخاطر التي تحدق بصاحبها، والذي ينتمي إليها شغفا لا لشيء إلا لأنه مؤمن بأن الصحافة واحدة من القنوات التي يمكن من خلالها تمرير الرسائل الى المجتمع عامة، خاصة تلك المتعلقة بحرية التعبير والديمقراطية وإرساء دولة الحق والقانون وما إلى ذلك من مبادئ حقوق الإنسان الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، لذلك فإن الصحافي معرّض أكثر من غيره إلى المتاعب التي قد تجرها عليه آليات الاشتغال بالمهنة على غرار كل المهن المحطة بالمخاطر.
ولأن الصحافي عموما هو في غالب الأحيان لسان المجتمع، كما يمثل نافذة على دينامية الأشخاص والجماعات مما يجعله محط الأنظار في كل المحطات، بوعي أو بغير وعي وبقصد أو بغير قصد.
وبما أن المناسبة شرط والشيء بالشيء يذكر فإننا كموقع “بالواضح” نعرب عن تضامننا اللامشروط مهنيا وإنسانيا مع موقع “برلمان. كوم” في شخص الزميلة بدرية عطا الله من خلال برنامجها المعروف “ديرها غير زوينة“ الذي ومنذ انطلاقته أبرز قضايا تفاعلية تمس الشأن العام بمختلف المجالات، وذلك على إثر القضية المرفوعة عليها من قبل وزير حقوق الانسان مصطفى الرميد الذي توخينا منه أن يكون أكثر الناس انفتاحا على حرية التعبير وأكثر تميزا بسعة الصدر لأن ما يخالج المجتمع من هموم وطموح جارف نحو المستقبل لأمل مشرق قد لا تتسع العبارات لإبرازه واقعا وحيّا بين الناس.
إن الدعوى القضائية التي يرفعها اليوم وزير حقوق الانسان ضد الصحافية الاعلامية بدرية عطا الله ما هو إلا استمرارا لمسلسل التضييق على الحريات وأسلوبا لتكميم الافواه وهي عادة قديمة جديدة يتبناها كل الذين يتبجحون بالديمقراطية وحقوق الانسان، لكنهم حين يوضعون في المحك تثور ثائرتهم لأنهم في الأصل لا احترام لديهم لحقوق الانسان ولا يؤمنون بحرية التعبير مثلما هو متعارف عليها، بل تبقى الديمقراطية في نظرهم وسيلة لتبوّء الكراسي، وهذا ما يظهر جليا في تصرف السيد الوزير المنتهك لحقوق الشغيلة في الوقت الذي يترافع لفائدتها داخل قبة البرلمان، لنسجل بالواضح هذه الازدواجية بين القول والفعل.