“كارفور سلا” نقط بيع الخمور مرتع تجمع ذوي السوابق

بقلم: عبدالكبير بلفساحي

ما حدث عشية يوم الجمعة 26 يوليز الجاري، من حالة فوضى وانفلات وسرقات كانت “رحبة” كارفور سلا مسرحا لها، في واحدة من المشاهد “المعتادة”، التي كلما تم الوقوف عند مقطع فيديو يوثق لها بالصوت والصورة، كلما انتابنا إحساس أقوى في أن مشكلتنا ليست في حالة عادية والتي كشفت بقساوة عن زلاتنا وهفواتنا وتناقضاتنا، بل في ظاهرة “العبث” و”التهور” من طرف شبان مدمنين وغالبيتهم من ذوي السوابق مما يوحي لأول وهلة إلى “انعدام الأمن” والحقيقة هو العكس بل الإستسلام للواقع وكلمة “آش غاندير” وهنا الخطأ في الفهم، لأن الصواب هو تبليغ أقرب مركز للأمن بالواقعة مهما كان الوضع، وبشكل يجعلنا أمام مجتمع يقدر القيم التي تحضر فيه مشاهد المواطنة والتضامن والمبادرات الرائدة، ويقدر رفض التعايـش فيه بمظاهر التمرد والانحراف والإجرام.

ما جعلني أتطرق للحديث في هذا السياق هو ما حدث في موقف السيارات “كارفور سلا ” لرجل تعرض للسرقة في واضحة النهار عن طريق النشل بقوة لكيس كان يحمله في يده من طرف شخصين على دراجة نارية، بل الأنكى من ذلك هو طريقة فرارهم في الإتحاه المعاكس معرضين القادمين لخطر جدي، بل إن وقعت حادثة قد تنسب لصالحهم لأن هذا هو الفراغ القانوني الذي تتعرض له التأمينات وهذا موضوع كبير.

والمحرج في ذلك هو أن الشخص ضيف على مدينة سلا واكتفى بقول “الله يلقي ليهم ” مما يثير للزوار أن الأمن منعدم سواء على صعيد دورية الشرطة القضاية أو على صعيد شرطة السير والجولان، لكني صفتي مقيم بمدينة مليونية مثل سلا وأخبرها شبرا شبرا، كما أني أعلم مجهودات الأمن الوطني في محاربة الجريمة وكذا شرة السير على الطرقات وضبط المخالفين.

فكما يناقل على العديد من المواقع والجرائد الإلكترونية ومن صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، من حالة انفلات وفوضى عارمة وسلب المواطنين أرزاقهم بالقوق والعنف، ومن صور لأشخاص يهرولون يمينا وشمالا وهم يحملون ويجرون ما تحصلوا عليه من مسروقات، هي مشاهد تعطي الانطباع أن اللحظة خارج الزمن وخارج التمدن والتحضر وخارج سلطة القانون وخارج الدولة والمؤسسات وخارج القيم الوطنية والروحية والإنسانية، لحظة عصية على الفهم والإدراك، لا يمكن إدخالها إلا داخل زمرة “قانون الغاب” الذي لا يعترف بسلطة ولا بقانون وضعي ولا برحمة ولا بشفقة، إلا بسلطة الأمر الواقع والأنانية المفرطة والفوضى الكاسحة ،

قد يقول قائل أن ما يحدث من سرقات واعتراض سبيل الغير ، هو نتيجة حتمية للفقر والبــؤس، وقد يقول آخر، أن مثل هاته الحوادث، شكلت لحظة مجتمعية معبرة عن اللاعدالة الاجتماعية وقد يقول ثالث، أن ما يقع من سرقات هو مظهر من مظاهر التصرف اللامسؤول من طرف الجانحين ، وقد يقول رابـع، أن مثل هذه الوقائع هي صرخة للفقر والهشاشة والحرمان والإقصاء، ومرآة عاكسة للمغرب “العميق” و”المنسي”، ولن نبادر في التيهان بين هذه الرؤى والتحاليل، ولن نهدر الزمن والطاقة والجهد في محاولة للشرح أو التفسير أو التبرير، تاركين المجال مفتوحا أمام علماء النفس والاجتماع والتاريخ والجغرافيا والإجرام والقانون، لإيجاد تفسير معقول ومنطقي لواقعة تفرض دق ناقوس الخطر

لكن في ذات الآن، نرى أن ما يحدث لا يمكن القبول به مهما بلغ التفسير مداه ومهما تجاوز التبرير منتهاه، لأن التمرد على القانون والاعتداء على الناس والترامي على حقوقهم وممتلكاتهم، هو أمر مرفوض من الناحية القانونية والدينية والأخلاقية والإنسانية، ولا يمكن القبول به أو التطبيع معه تحت أي سبب أو مبرر حتى لو كان باسم الفقر والهشاشة والحرمان، وتزداد مشروعية الرفض والإدانة، لارتباط ما يحصل في مثل هذه المناطق، وما تحمله من أبعاد ودلالات وعبر بالنسبة للمسلم في علاقته بخالقه، وبمفهوم المخالفة، فأن يتكبد الشخص مشقة الذهاب لمثل هاته الاسواق الممتازة “كارفور سلا ” ويتحمل قساوة النقل في بعض الأحيان وصعوبات الوصول، متطلعا للقيام بمشترياته، وفي نهاية المطاف، “يتسلط” عليه شرذمة من العابثين والمتهورين والمتهاونين والمتواكلين، ويسلبونه رزقه بالقوة، فهذا فعل لا يمكن إلا رفضه وإدانته وزجره.

ما حدث في “كارفور سلا” هو فعل لا يليق عل صعيد جميع المقاييس، فالرجل إكتشفت أنه خجول، مما حعلني أتأسف لموقفه وما وقع له ،ففي الأخير هي ثقافة مجتمعية، لا يمكن فصلها عما يعتري الممارسة السياسية من عبث وتهور وفساد وانعدام المسؤولية ومن إقبال على الريع والمناصب والمكاسب، وما نعاينه في مواسم الانتخابات من فوضى وصراعات خفية ومعلنة، وما يتخلل تدبير الشأن العام والجهوي والمحلي من مظاهر الارتباك والاختلال والعبث في غياب تام تقصير بالمحاسبة، وما حدث يفسر أن “كارفور سلا ” له ترسانة أمنية ظاهرية يحمي بها نفسه من التأمينات التي تفرض قوانين وروتوكولات خاصة لقبول إبرام عقد التأمين ، أما فيما يخص السياسات العمومية، جعلت شرائح واسعة من المواطنين خارج نسق الحماية الامنية التي تخصها، مما يجعلنا نتسال هل المواطن حين يذهب للتسوق في مثل هاته الأسواق هل هو في مأمن ؟ لكن على حسب ما عاينته لا، لأن نطاق السرقة التي وقعت هو ذاخل المجال الأمني للسوق الممتاز “كارفور سلا ” بل إن بعض الأشخاص شهدوا بأن مثل هذا السلوك هو مألوف هناك، مما ينتاب للذهن :لا قانون ولا قيم ولا أخـلاق، وأي تبرير له هو شرعنة لشريعة الغاب، أخيرا يمكن القول بأن كارفور سلا يساهم في الإجرام.

اترك رد