مطالب سائقي سيارات الأجرة بعقود عمل نموذجية والتصريح بهم: استقرار مهني مفقود

بقلم: مراد مجاهد

يعيش قطاع سيارات الأجرة في المغرب أوضاعًا متردية تهدد استقرار السائقين المهنيين اجتماعيًا ومهنيًا، ورغم صدور مذكرة وزارية تدعو لإبرام عقود عمل نموذجية كتابية والتصريح بالسائقين، إلا أن هذه التوجيهات لم تُطبق بعد، مما يعمق من معاناة العاملين في هذا القطاع.

يُلاحظ غياب مطلق لعقود العمل النموذجية بين السائقين وأرباب الشغل، ما يجعلهم عرضة للطرد التعسفي أو فقدان عملهم في أي لحظة، ما يناقض المذكرة الوزارية التي تشدد على أهمية العقود النموذجية لضمان حقوق الطرفين.

في ظل هذا الوضع، يجد السائقون أنفسهم مجبرين للتسجيل الذاتي لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للاستفادة من التغطية الصحية، باعتبارهم مصنفين كعمال غير أُجراء. لكن هذا التصنيف لا يعكس الواقع، إذ يفتقر السائقون للاستقرار الوظيفي الذي يمكّنهم من الوفاء بالتزاماتهم المالية. يقول أحد السائقين: نحن نعمل بدون أي ضمانات أو عقود تحمينا. وحتى عندما نحاول التصريح للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، نجد صعوبة في الاستمرار بسبب عدم استقرار العمل.

هذه الحالة تطرح تساؤلات حول كيفية تمكن السائق من الالتزام بدفع مستحقات الضمان الاجتماعي في ظل غياب استقرار وظيفي، وكيفية مواجهته للتهديد المستمر بفقدان عمله في أي لحظة. هذا الافتقار إلى الاستمرارية المهنية يعقّد حياة السائقين بشكل كبير.

ورغم وجود مذكرة وزارية وصدور قرارات عاملية تلزم أرباب العمل سواء كانوا ذاتيين أو معنويين بإبرام عقود عمل نموذجية، إلا أن الكثير منهم يرفضون تطبيقها. هذه العقود، التي كان من المفترض أن توفر حماية قانونية للسائقين، غالبًا ما تبقى غير مفعلة، ما يفتح الباب أمام استغلالهم. علي بوسوري، عضو في النقابة الوطنية لقطاع سيارات الأجرة التابعة للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، يؤكد أن غياب عقود العمل النموذجية يؤدي إلى فوضى قانونية داخل القطاع، حيث يستغل أرباب العمل هذا الفراغ لتحقيق مكاسب دون أي التزام قانوني تجاه السائقين، إلى جانب هذا الاستغلال يواجه السائقون عبء دفع رسوم “الروسيطة” التي تُفرض عليهم بشكل غير قانوني في كثير من الأحيان. هذه الرسوم التي تصل أحيانًا إلى مبالغ مرهقة تُثقل كاهل السائقين الذين يجدون صعوبة في تغطية نفقاتهم اليومية.

هذا الوضع لا يضر بالسائقين فقط، بل ينعكس سلبًا على جودة الخدمة المقدمة للزبائن، فلا يمكن لسائق يعيش تحت ضغط مالي ونفسي كبير أن يقدم خدمة بجودة عالية. تحسين ظروف السائقين من خلال إبرام العقود النموذجية وتوفير الاستقرار المهني يعتبر خطوة أساسية لضمان تقديم خدمة أفضل للزبائن.

في ظل هذه الأوضاع، يتعين على الحكومة التدخل بشكل عاجل لفرض تطبيق المذكرة الوزارية، وإلزام أرباب العمل بإبرام عقود قانونية تضمن حقوق السائقين وتحميهم من الطرد التعسفي. كما يجب على إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تفعيل آليات رقابة صارمة لضمان التصريح بالسائقين ومراقبة احترام القوانين.

تجاهل حقوق السائقين وعدم تطبيق القوانين المنظمة للقطاع يشكل خطرًا على استقراره. الحكومة مدعوة اليوم إلى التدخل الفوري لضمان تنظيم هذا القطاع، بدءًا من فرض تطبيق المذكرات الوزارية المتعلقة بالعقود، إلى إنشاء لجان رقابية لمتابعة تنفيذ القوانين. على أرباب العمل أيضًا تحمل مسؤولياتهم القانونية تجاه المهنيين، حيث أن إبرام العقود النموذجية ليس مجرد التزام قانوني، بل هو أساس لضمان بيئة عمل عادلة ومستقرة.

فقط من خلال تطبيق هذه الإصلاحات الجذرية يمكن للسائقين الحصول على حقوقهم المشروعة، ويمكن للقطاع استعادة استقراره وفعاليته، بما يخدم مصلحة الجميع ويضمن تقديم خدمة ذات جودة عالية.

اترك رد