بقلم: نعيم بوسلهام
بعد تعيين المصطفى النوحي عاملاً جديداً على عمالة الصخيرات-تمارة، يجد نفسه أمام ملفات معقدة وحساسة، وعلى رأسها قضايا السكن والتعمير التي طالما أرّقت ساكنة المنطقة. يأتي هذا التعيين في وقت يشهد فيه الإقليم تراكمات عدة، خصوصاً فيما يتعلق ببرنامج إعادة إيواء سكان الأحياء والدواوير الصفيحية وأيضا المنازل التي بنيت عشوائيا بدون تراخيص كما هو الحال لدوار أولاد مبارك بجماعة المنزه، وهي قضايا تنتظر تدخلات حاسمة من السلطات المحلية الجديدة.
ويواجه العديد من سكان الأحياء الصفيحية والمنازل الغير مرخصة، الذين هُدمت براريكهم ومنازلهم منذ سنتين على الأقل، وضعًا غامضًا بعدما ظلوا في انتظار التعويض بوحدات سكنية بديلة. ورغم البرامج التي أطلقتها الحكومة لتحسين ظروف عيش هذه الفئة، لا يزال جزء كبير منهم يعاني من ظروف معيشية قاسية نتيجة التأخر في تنفيذ وعود الإيواء. تتصدر هذه القضية أولويات العامل الجديد، نظرًا لما تمثله من ضغط اجتماعي يتطلب حلولًا سريعة وجذرية.
هذا، ويُعد ملف دواري أولاد امبارك وأولاد بوطيب بجماعة المنزه من أكثر الملفات الشائكة. هذان الدواران كانا مشمولين ببرنامج إعادة الهيكلة على مساحة تفوق 53 هكتار في موقع استراتيجي بمحاذاة شارع محمد السادس بالرباط و الذي كان يُفترض أنه سيحسن ظروف العيش للسكان من خلال إعادة تنظيم المناطق السكنية، لكن هذا المشروع تم إقباره في ظروف لم تُفهم بعد، ليتم استبداله ببرنامج إعادة الإيواء، كما لو أن الدوارين على ما يبدو صُنفوا ضمن السكن الصفيحي في إطار تفعيل برنامج “مدن بدون صفيح”، على الرغم من أن الأرض التي يقيمون عليها مملوكة بموجب عقود رسمية وليست متنازعًا عليها كما أن معظم المنازل التي كانت مشيدة هناك وتعرضت للهدم كانت بنايات اسمنتية صالحة للسكن وليست براريك صفيحية كما تدعي السلطات وخير دليل على ذلك الصور والفيديوهات التي صورت اثناء عملية الهدم.
قرار إقبار مشروع إعادة الهيكلة، أثار الكثير من التساؤلات، خاصة حول من له مصلحة في إلغاء برنامج إعادة الهيكلة. فهل يتعلق الأمر بمصالح خفية لبعض الجهات العقارية؟ أم أن هناك تحديات تقنية لم تُعلن عنها السلطات؟ هذا الغموض يزيد من تعقيد الملف، في وقت يطالب فيه السكان المتضررون بإجابات واضحة ومقنعة.
الأكثر تعقيدًا في هذا الملف هو رفض غالبية سكان الدوارين لمقترح السلطات المتعلق بتقديم شقق كتعويض عن أراضيهم المهدمة. ويزيد من حدة التوتر فرض مبلغ يصل إلى 110,000 درهم على الراغبين في الاستفادة من هذه الشقق، وهو ما اعتبره العديد من المتضررين غير منصف، إذ إنهم يملكون الأراضي بعقود رسمية، ويرون أن إعادة الهيكلة كانت الخيار الأنسب لإعادة إسكانهم في نفس المناطق التي عاشوا فيها لعقود.
ويبدو أن إصرار السكان على إعادة الهيكلة بدلًا من قبول الشقق يجعل الأمر أكثر تعقيدًا للعامل الجديد، الذي سيحتاج إلى توازن دقيق بين حماية حقوق السكان وتقديم حلول واقعية وقابلة للتطبيق. هذا الرفض الشعبي للمقترح الحالي يضع النوحي أمام تحدٍ يتطلب ليس فقط تواصلاً فعّالاً مع الساكنة، بل أيضاً التفكير في بدائل أكثر عدلاً.
كما أن التحديات التي تواجه المصطفى النوحي لا تقتصر فقط على ملفات السكن والتعمير، بل تمتد إلى مشكلات أوسع تتعلق بالتنمية المحلية، وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية. فالملفات العالقة، مثل قضية السكن الصفيحي وبرنامج إعادة الهيكلة، تشكل اختباراً حقيقياً لقدرة العامل الجديد على إدارة الأزمات المعقدة واستعادة ثقة السكان في السياسات المحلية.
علاوة على ءلك، سيتعين على النوحي أن يتبنى استراتيجية شاملة تأخذ في الاعتبار احتياجات الفئات المتضررة مع ضمان استدامة الحلول المقدمة. وقد يكون الحل الأمثل هو إعادة فتح الحوار مع السكان المتضررين، والبحث عن صيغة توافقية تجمع بين مطالبهم المشروعة والقدرة على التنفيذ العملي.
ختاما، لا شك أن المصطفى النوحي سيجد نفسه أمام ملفات “ساخنة” لا تحتمل التأجيل أو التسويف. النجاح في حل هذه القضايا، خصوصاً ملف السكن الصفيحي والمنازل الغير مرخصة ودواري أولاد امبارك وأولاد بوطيب، سيكون بمثابة اختبار حقيقي لكفاءته وقدرته على إدارة الملفات المعقدة. وتبقى آمال ساكنة الصخيرات-تمارة معلقة على مدى قدرة العامل الجديد على تقديم حلول واقعية، تحفظ كرامة المتضررين وتساهم في تحقيق التنمية المستدامة للمنطقة.