رجة المغرب… هل هي من ساعات شهر صفر “الناقصة”؟

بقلم: عبدالمجيد فنيش

اول ما تبادر الى بالي والارض تهتز، هنا امي و والدي رحمهما الله، وهما من كانا يلحان علينا عند ظهور غرة شهر «صفر» ترديد ادعية غير التي يتم ترديدها عند بزوغ اهلة باقي الشهور العربية.

كنا نسأل في قرارة النفس عن السر في هذا التوجيه؟ وقد ادركنا الجواب متفرقا، ذلك
ان اجاباتهما مستندة على كيمياء عيشهما في احضان الموروث المغربي الاصيل .

والان ترى كيف كانت الاجابات؟

الجواب يكمن في: شهر “صفر” ارتبط في الذاكرة كشهر مشؤوم ، منذ “جاهلية العرب” حيث تشهد اشعارهم على هذا ، كما ذهب بعض اللغويين القدامى الى القول ان اسم “صفر” يحمل معنى اللاشيء والعدم ( اي صفر بكسر الصاد)، وقيل كذلك “من الاصفرار الذي يسود الطبيعة ووجوه الناس”،
وقد امتد هذا “الوشم الصفري ” عند البعض الى يوم الناس هذا.

و مبرر هذا هو ما تم من فرط “الاهوال الضاربة ، واحيانا غير المألوفة” التي عاشها الناس في عدد من شهور “صفر”،.

وكم كان الوالد و الام -اسكنهما الله فسيح الفردوس – ، يعززان هذا الانطباع ، بقول المغاربة عند كل هول: ” انها ساعة ناقصة من ساعات صفر…”.

وفي سلا- حسب قولهما، وحسب بعض ما عشناه- يستقبل السلاويون غرة هذا الشهر بتنظيم جلسات للذكر و المديح ، واساسا في بعض زوايا وأضرحة ” رجال الله” حيث حلقات للرجال وأخرى للنساء..

وقد كانت هاته الحلقات “الصفرية” تمتد بتلقائية لتتحول من “طلب اللطف”، الى رحاب “البهجة الربيعية ” بمناسبة شهر “الربيع الاول” ، شهر المولد النبوي الشريف، الذي تخصه سلا بابتهاجها المتفرد “موكب الشموع”.

ولنا ان نستخلص من هذا الانتقال مدى الطاقة الايجابية لبعض السلاويين حين صنعوا التحول البهي من “الخوف الى السكينة”، ومن “الساعة الناقصة” الى “الايام الكاملة المتكاملة” بانوار “شموع سلا”، وهي شموع احتضنتها سلا بحس مديني خلاق تخلى عن تقديم القرابين ل”رجال الله” ، فكانت الزخارف والالوان والايقاعات والانغام هي البديل .

وانه لمن باب السماء فوقنا ان نقول ان الهزة الارضية هي حصيلة تفاعلات جيولوجية، وقد تحدث هنا وهناك ، وفي اي لحظة ، وهذا المنطق العلمي القاطع لا يؤمن ولن يؤمن ب “ساعة ناقصة ” او باخرى “زايدة” ، و هذا مالا جدال فيه.

لكن هل يمنع هذا الحسم العلمي من انزياح الذاكرة في اتجاه الموروث الشعبي الذي صنع منظومة من التفاعل الوجداني مع الوقائع و في مقدمتها” ساعة صفر الناقصة” .

الخلد للأم و للوالد في الفردوس، وقد تعلمنا منهما بتلقائية ودون تكلف ان الحياة قد لا تستقيم احيانا دون “زواج” -ولو عابر- بين العلم و الوجدان.

المغفرة والرحمة لشهداء الرجة ، والشفاء والعافية للمصابين، وجميل الصبر والسلوان لكل مكلوم مفجوع.

مدينة سلا يوم السبت 24 صفر 1445/ 9 شتنبر 2023.

اترك رد