من المسؤول في فشل رصد مخالفات السير؟ سلا والرباط نموذجا

 بقلم: عبدالكبير بلفساحي

  أضحى القانون في كثير من الحالات عديم الفعالية، ومبدأ مساواة الجميع أمام خطاب القانون، هو ما يترتب عنه إعطاء القانون الفعالية في الواقع، بتكريس إلزاميته المنطوية حتما على معنى الإلزام بالعلم به منذ نفاذه، لأن تطبيق القانون يقوم من زاوية المخاطبين بأحكامه على مبدأ أساسي لا مناص من الأخذ به وإلا أهدرت الحكمة من وجوده.

     وحسب المتعارف عليه، فإن الطريق العمومي ملكا للجميع، ويخضع لضوابط وقوانين تفرض احترامها وملزمة للجميع، لكن ما يلاحظ هو الفوضى التي تسجلها المركبات ثلاثية العجلات أو ما يصطلح عليه بالدارجة “تريبورتور”، والأخطار التي تحيط بالمواطنين، مارة وعابري الطريق وراكبين وأصحاب الدراجات النارية والهوائية وسائقي السيارات والحافلات وكل بيئة توجد بها هذه المركبة، وعل وحه الخصوص  تلاميذ المدارس والإعداديات والثانويات المتواجدة في محيط الأسواق والفضاءات التجارية المفتوحة . هذه المركبات على مرمى أعين شرطة المرور على الدوام وعلى طول شارع بطول نصف مدينة سلا ، وهو شارع ابن الهيثم وشارع الأطلس الكبير، هذا المسار يعرف فوضى عارمة لهذا النوع من المركبات وفي بعض الحالات نجد ساقين قاصرين ناهيك هل الكل يملك رخصة السياقة أم لا؟ والأنكى من ذلك هو أن هذه المركبة تحمل عشرة راكبين.

     فهناك مجموعة من السكان، إن لم يكن الأغلبية، عبروا عن قلقهم واستيائهم من سلوك بعض أصحاب “التريبورتور”  الذين يتسببوا في حوادث سير خطيرة، لولا ألطاف الله، نظرا للسرعة   الفائقة التي يسير بها أصحاب هذه المركبات وعدم احترام قوانين السير والجولان، كما أظهر فيديوا راج على نطاق واسع أمام دورية للشرطة والتي قامت بدورها فورا بتدخل مباشر لإيقاف المخالف ، بل البعض من ائقي تلك المركبات من أصحاب السوابق العدلية لا يخضعون لأي مراقبة أمنية ، كما لو كانوا معفيين من تطبيق القانون أو يعتبرون الطريق فضاء مخصصا لهم ويمكنهم التحرك بكل حرية مع ما قد يتسبب ذلك في ما لا تحمد عقباه ، وللتذكير، فهناك من تعرضوا لحوادث سير بعد أن صدمتهم مركبة “التيربورتور” ولاذ هذا الأخير بالفرار دون شيء يذكر .

    وكما سبق ذكره ، لا زالت هذه المركبات تنقل على متنها ، المواطنين ضدا على القوانين دون مراعاة المخاطر التي تحدق بهم وأمام أعين من لهم سلطة مراقبة السير على الطريق وتنزيل مدونة السير تنزيلا صحيحا .

     فقد سبق أن قرر وزير التجهيز والنقل السابق ، عبد القادر عمارة ، منع نقل الأشخاص على متن الدراجات النارية الثلاثية العجلات “التريبورتور”، ودخل القرار حيز التنفيذ وبشكل صارم ، وذلك بتنسيق مع مختلف المصالح المختصة من وزارة الداخلية والأمن الوطني والدرك الملكي ،و كذلك أكد الوزير السابق للتجهيز والنقل ، على أن هذا القرار جاء نظرا للأرقام المهولة لحوادث السير التي تكون فيها الدراجات الثلاثية الدفع هو السبب الحقيقي إن لم يكن الرئيسي وراء التعجيل باتخاذ هذا القرار ، فالأرقام المهولة لحوادث السير الناتجة عن المخالفات التي تتسبب فيها هذه المركبات آنذاك حددها في 40 بالمائة ، مضيفا أنه ستتم معاقبة المخالفين بغرامات مالية كبيرة ، وتسحب رخصهم ، وأن الأمر قد يصل إلى السحب النهائي للرخص ، لكن في مدينة سلا الواقع يشير إلى العكس ونحن نشارف على نهاية 2024.

    وكذلك سبق لكاتب الدولة لدى وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء المكلف بالنقل السابق ، أن صرح بأن العمل الذي قامت به الوزارة لوقف حوادث ما وصفه بــ”عربات القتل”، أي الدرجات الثلاثية العجلات “تريبورتور”، كان بالتركيز على الإطار القانوني، أي التعديلات التي أدخلت على مدونة السير والتي تمنع المواطنين من التنقل عبر هذا النوع من العربات، كما أشار إلى أن الإشكال يكمن في المراقبة، فالوزارة لا يمكن أن تقوم بمراقبة  ومتابعة تنقل المواطنين عبر هذه المركبات ثلاثية العجلات، مردفا أن هذا الأمر من اختصاصات مصالح وزارة الداخلية، الأمن الوطني في المدن والدرك الملكي خارج المدن.

    وسبق للوزارة أن قامت بإحصاء عدد هذه الدراجات من خلال عملية الترقيم ، وبترقيم 750 ألف دراجة ثلاثية العجلات آنذاك، أما الآن فالله هو من يعلم، إضافة إلى فرض رخصة السياقة على هذا النوع من العربات ، وهو الشئ الغائب في أغلب الأحيان، بل كما سبق ذكر هناك قاصرين يسوقون بركاب راشدين.

    دائما نبقى في الحديث عن الدراجات النارية أو ما يسمى في مصطلح القانون بالمركبة بعجلتين، فغالبا ما نرى حملة ضد سائقي هذه الدراجات المعدلة والمخالفة للقانون، هذه الحملة الأمنية تأتي في إطار تقوية مراقبة المخالفات، وفرض قواعد السلامة الطرقية لدى هذه الفئة من السائقين، ودائما ما تسفر عملية المراقبة على حجز العشرات من هذه المركبات الثنائية العجلات، وذلك لعدم احترام اصحابها لمعايير السلامة، سواء تعلق الأمر بعدم التوفر على خوذة وقائية أو عدم التوفر على الاوراق التي تثبت ملكيتهم لها أو التأمين، والأهم من ذلك هو الأمر الذي يتعلق بتعديل في محرك الدراجة النارية، من خلال التحري رصدنا ثلاث حالات، الأولى هو صحيح أن هناك تعديل في المحرك من طرف صاحب الدراجة، والحالة الثانية هي أن هناك من يشتري دراجة معدلة دون أن يعلم وحتى بعض مراكز الفحص لا ينتبهون لذلك أحيانا، والحالة الثالثة هو أن هناك من يشتريها جديدة من الشركة المستوردة وفي يومه تحجز له مركبته بدليل التعديل غير القانوني، ليبقى السؤال مطروح كيفية حماية مثل هذا النوع من المواطنين من هذا التصرف؟ فالقانون وضع لحماية الأفراد من الغبن والتدليس وكذا الغش وليس التربص بهم للإيقاع بهم في مخالفات لا علم لهم بها، في حين يبقى أصحاب الشركات المستوردة مزاولين لنشاطهم التجاري دون المساس بهم.

     دائما في وسائل النقل الفردية والمزدوجة، وهذه المرة في الظاهرة التي أثارت جدلا واسعا ولم يعرف لها موقع داخل المنظومة القانونية رغم ضخامة بنيتها التشريعية، ولأن المغرب يشهد ارتفاعا متزايدا في استخدام وسائل النقل الحديثة، أبرزها الدراجات الكهربائية من صنف “تروتينيت”، ففي ظل غياب إطار قانوني في الوقت الحالي لدمج استعمال هذا النوع في منظومة التنقل بالمملكة، تعمل وزارة النقل واللوجستيك على سن إجراءات لتنظيم سيرها بالطرق العمومية،

     فقد أفاد يوما ما وزير النقل واللوجستيك، محمد عبد الجليل، الذي يكاد أن يكون شبحا، بأن مصالح الوزارة باشرت مجموعة من التدابير لتقنين استعمال الدراجات الكهربائية، متى؟ الله أعلم والأعداد في تزايد، حيث سيكون أصحابها مطالبين بأداء واجب التأمين، كما سيكونون خاضعين لجميع الإجراءات المعتمدة في مدونة السير عند ارتكاب مخالفات ،وأورد الوزير، في جواب على سؤال كتابي بمجلس النواب، أن وزارة النقل واللوجستيك بصدد إعداد قوانين على هذه المركبات وعناصرها وتوابعها، لتقنين استعمالها كجميع مركبات التنقل الشخصي بمحرك في الطريق العمومية، وتروم هذه التعديلات، وفق ما قال الوزير ،هو إدراج الدراجات الكهربائية من صنف “تروتينيت” ضمن المركبات من فئة الدراجات بمحرك وتحديد أبعادها القصوى وخصائصها التقنية، وستشمل التعديلات حسب جواب المسؤول الحكومي، تحديد كيفية وشروط المصادقة على هذه الدراجات حسب النوع أو بشكل انفرادي، والوثائق الواجب إرفاقها بطلب المصادقة، مع تحديد كيفية تسجيلها وترقيمها وقواعد سيرها على الطرق وشروط التأمين والمخالفات، فقد أفاد بيان للوزارة في السابق، بأن الأنماط الجديدة للتنقل تشكل أحد عناصر تطوير منظومة النقل المستدام والاستجابة للمتطلبات والحاجيات الملحة للمواطنين والمتمثلة في التنقل الآمن ذي الكلفة المعقولة وجودة الخدمة والمحافظة على البيئة، مشيرة إلى وضع إطار قانوني ملائم قصد الانفتاح على دراسة تجارب مختلف الدول المتقدمة في هذا المجال.

      وفي إطار عدم تطبيق القانون، هناك كلمة كتابية وجهها النائب البرلماني عبد اللطيف الزعيم، عن حزب الأصالة والمعاصرة إلى محمد عبد الجليل وزير النقل و اللوجيستيك، بـخصوص عدم استعمال حزام السلامة داخل سيارات الأجرة وحافلات النقل الطرقي وسيارات النقل المدرسي، مبرزا من خلالها  أن مدونة السير تنص على أنه يجب على سائقي المركبات والركاب استعمال حزام الأمان أثناء تحرك المركبة على الطريق العام، بما في ذلك المركبات التي تستعمل في النقل العمومي.

    وإلى حدود اليوم ظلت هذه النصوص حبرا على ورق رغم حوادث السير التي راح ضحيتها سائقون وركاب بسبب عدم وضعهم لحزام السلامة، كما أن حافلات الركاب رغم توفر أغلبها على حزام السلامة فقلة قليلة من السائقين والركاب من يستعمله، هذا دون الحديث عن سيارات الأجرة بصنفيها رغم تجديد وهيكلة أسطولها على الصعيد الوطني بدعم من الدولة، وللإشارة فإن سيارات النقل المدرسي هي الأخرى يجب أن لا تستثنى من تفعيل القانون خصوصا تلك التي تكون خارج التجمعات العمرانية تطبيقا وامتثالا لروح النص القانوني، لأن  استعمال حزام السلامة من قبل السائق والركاب إجباريا خارج أو داخل التجمعات العمرانية، فأغلبية الحوادث المميتة تقع داخل المدار الحضري وهو ما يستدعي التفاعل معه بكثير من الحزم والجزم حماية وصونا لروح وسلامة المواطنات والمواطنين.

    وفي نفس السياق، فقد سبق أن ساءل النائب البرلماني عبداللطيف الزعيم، عن حزب الأصالة والمعاصرة، السيد الوزير، عن الإجراءات والتدابير التي ستتخذها الوزارة في هذا الصدد بخصوص عدم استعمال حزام السلامة داخل سيارات الأجرة وحافلات النقل الطرقي وسيارات النقل المدرسي. فأجاب بأن إجابة من سبقوه، وهو جواب منطقي بصريح الكلمة، بأن هذا الأمر من اختصاصات مصالح وزارة الداخلية، الأمن الوطني في المدن والدرك الملكي خارج المدن، ليبقى ذائما نفس السؤال يطرح، من المسؤول في فشل رصد مخالفات السير؟ ولماذا لا تطبق هذه القوانين من طرف الشرطة والدرك؟

اترك رد