بقلم: د. فيصل القاسم
دعونا نعترف أولاً بعبقرية النظام السوري وأذرعه الإعلامية التي كنا نعتقد أنها متخلفة وخشبية، لكنها استطاعت أن تقنع غالبية السوريين وحتى العرب، زوراً وبهتاناً وإرهاباً، بأن نظام الأسد عدو مبين لإسرائيل. ولو تجرأ أحد قبل سنوات، واتهم النظام بالعمالة لإسرائيل، لعارضه حتى المعارضون للنظام أنفسهم، لأن الخطاب الإعلامي الإرهابي العدواني للنظام لم يسمح لأحد بمجرد التشكيك في موقفه المعادي لما كان يسميه بـ”الكيان الصهيوني”. باختصار، استطاع النظام أن يفرض على الجميع بالإرهاب الإعلامي بأن يعتبروه “قلعة الصمود والتصدي”، كما كان يسمي نفسه.
خمسون عاماً والنظام يُشهر سيف العمالة لإسرائيل ضد معارضيه. وكان، إذا أراد أن يقضي على أي مواطن سوري، يتهمه فوراً بالعمالة لإسرائيل. وقد ظن السوريون على ضوء ذلك، أن النظام يعادي إسرائيل حتى الموت، وأن أكبر خطيئة يمكن أن يقترفها السوري هي العمالة لإسرائيل بنظر النظام. لكننا اكتشفنا بعد نصف قرن أن النظام كان يستخدم تهمة العمالة لإسرائيل فقط للتغطية على عمالة النظام نفسه لإسرائيل. لكن هذا لا ينفي أنه استطاع أن يمرر أكاذيبه وشعاراته القومجية والعربجية الزائفة على ملايين العرب والسوريين. ومن الواضح أن الشعارات التي كان يرفعها النظام كانت بترتيب خاص مع الإسرائيليين والأمريكيين أنفسهم. فمن المعروف عن الأمريكيين أنهم يسمحون لعملائهم أن يصنعوا الأساطير التي يفضلونها كي يحكموا شعوبهم بموجبها حتى لو كانت تلك الأساطير معادية لأمريكا في ظاهرها، كأسطورة الممانعة والمقاومة والقومية العربية والصمود والتصدي. ومما يؤكد ذلك أن مسؤولاً أمريكياً كبيراً سألوه ذات يوم عن الموقف الأمريكي من الإعلام السوري المعادي جداً لأمريكا، فأجاب المسؤول: “نحن لا يهمنا ما يقوله نظام الأسد وإعلامه، بل يهمنا ما يفعله لنا. فلو طلبنا منه مثلاً أن ينجز لصالحنا عشرين بالمائة فقط من أمر ما، كنا نراه يتصل بنا في اليوم التالي ليقول لنا: لقد أنجزت لكم الأمر مائة بالمائة. أي أنه دائماً يفعل أكثر مما نطلب منه. وبالتالي، لا بأس أن يهاجمنا إعلامه ليل نهار، طالما في الجوهر هو أحد أخلص وكلائنا.” ولا ننسى تقرير وكالة الاستخبارات الأمريكية عام 2012 عندما وصفت نظام الأسد بأنه “أنشط عملائنا في المنطقة”. ولو قرأنا كتاب “سنوات التجديد” لوزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كسنجر لتفاجئنا كثيراً بإطرائه الدائم على صديقه حافظ الأسد الذي كان ينسق كل عملياته العسكرية في لبنان على مدى ربع قرن مع الإسرائيليين. ويذكر كسنجر أن حكمت الشهابي رجل حافظ الأسد الشهير اتصل ذات يوم بالقيادة الامريكية لعرض دخول القوات السورية إلى لبنان. وعندما أخبروه أن اسرائيل لن تقبل بذلك، رد الشهابي: نحن عبارة عن قوات حفظ سلام ليس أكثر”. ويقول كسنجر ما معناه أن الشهابي المحبوب من الأمريكان كان يسعى للعمل ضمن مصالح إسرائيل عبر وساطة امريكية. ويضيف كسنجر بأن القوات السورية دخلت لبنان على أساس اتفاق ضمني بين إسرائيل وسوريا. وكل خطوة كانت تتقدم بها القوات السورية كانت بتسامح ومباركة إسرائيلية.
ويذكر المقربون من حافظ الأسد أنه كان يعادي الأمريكيين في العلن، بينما ينسق معهم كل شيء بالسر. لهذا كان يقول لسائقه: “أعط إشارة أنك ذاهب إلى اليسار، لكن اذهب إلى اليمين.” ولا ننسى أن أول مسؤول دولي اختلى ببشار الأسد لساعات قبل تنصيبه رئيساً لسوريا بعد موت حافظ الأسد بأيام قليلة كانت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت. وبعد انتهاء الاجتماع كانت كل وسائل الإعلام العربية والدولية تبارك بشار الأسد رئيساً لسوريا.
وفي الأيام الأولى للثورة سمعنا ما قاله مدير أعمال بشار الأسد التجاري رامي مخلوف لصحيفة واشنطن بوست عندما قال: “أمن إسرائيل من أمن النظام السوري، وإن أي مكروه يحصل للأسد سينعكس سلباُ على إسرائيل”. وقبل مدة سمعنا ما قاله نائب وزير الخارجية الإيراني حرفياً حينما قال إن سقوط الأسد سيشكل خطراً كبيراً على أمن إسرائيل، وكأنه يتوسل الإسرائيليين بأن يحافظوا على كلب حراستهم.
وها هو تشك هيغل وزير الدفاع الأمريكي الأسبق يقول يوم أمس: “يجب تجاوز مسألة رحيل الأسد، فهو لم يكن في يوم من الأيام عدواً لنا ولا لحليفتنا إسرائيل”. خووووش ممانعة.
طبعاً ظل البعض يشكك في دعم إسرائيل لنظام الأسد حتى أثبتت الأشهر القليلة الماضية تماماً أنه لولا الغطاء الإسرائيلي لما استمر الأسد حتى الآن، وأن الذخر الاستراتيجي للصهيونية ليس الرئيس المصري المسكين حسني مبارك الذي سقط خلال ثمانية عشر يوماً، بل الرئيس الذي فعل الأفاعيل بسوريا ومازال صامداً منذ خمس سنوات. ولا بد أن نتذكر أن الرئيس الروسي بوتين لم يدخل الأراضي والأجواء السورية إلا بعد اجتماعه برئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الذي أعطاه الضوء الأخضر كي يحمي لهم حارسهم المخلص بشار الأسد. والآن أصبح الإسرائيليون والروس ينسقون عملياتهم في سوريا من مطار حميميم الذي يقع بالقرب من مسقط رأس الأسد القرداحة.
وأخيراً ها هو الفنان السوري جمال سليمان ينقل حرفياً قبل أيام فقط عن لسان بشار نفسه أن الأخير أخبره في بداية الثورة أن إسرائيل لن تقبل، ولن تسمح أبداً بسقوط النظام. لا بل أعطته الضوء الأخضر كي يتصدى لكل من يعارضه بكل الوسائل.
أخيراً عرفنا سبب هوس نظام الأسد بموضوع العمالة لإسرائيل: لأنه العميل الحقيقي، ولأنه لا يسمح لأحد بأن ينافسه على هذا الشرف العظيم.
ببقائك في قنات الجيرة تاكدنا انك عميل
ببقائك في قنات الجزيرة تاكدنا انك عميل
ببقائك في قنات الجزيرة تاكدنا انك عميل
الأسد يبقى اسدا والكلاب تنبج من الجزيرة والقنوات العميلة والعبة ظاهرة قل ما تريد يا السيد فيصل القاسم لن تقنعنا بخزعبلاتك الواضحة كالشمش وسط السماء
لم تعد هناك تقة في كل من هو داخل الجزيرة وانت كدالك يا سي فيصل لقد اخترت الإنفصال على الحقيقة
لا يهم نباحك يا السيد فيصل لقد عرفك العرب من الخليج الى المحيط انك عميل للدول الرجعية التي تدور فيفلك امريكى ولم يعديقنعنا عويلك على هده القناة المشؤومة والسلام