بقلم: رشيد مصباح (فوزي)
موضوع الطوطم موضوع طويل وشائك، لا يمكن جمعه وتلخيصه في مقال واحد. وهناك من امضى حياته بحثا عن الطّوطم وهو معه في قلبه وعقله؛ “أقرب إليه من حبل الوريد”. والطوطميّة عبادة منتشرة بكثرة وسط الأقوام البدائية. والعلاقة بين الطّوطم والعشيرة علاقة روحية مقدّسة.
والطّوطم كما جاء تعريفه في أحد المراجع: بمكن أن يكون طائرا، أو حيوانا، و نباتا، أو ظاهرةً ما، من الظواهر الطّبيعية المألوفة.
وهو لدى بعض الأنتروبولجيين ديانة مركّبة، من الرّموز والطّقوس والأفكار. وصنم يُعبد، وضريح من الأضرحة؛ كالتي يقصدها بعض المحسوبين على الصّوفية طلبا للغوث. كما وقد تكون الأقفال التي يضعها العشّاق على حواف جسر الفنون بباريس، والنّقود التي تُرمى لتحقيق الأمنيات في نافورة (تريفي) روما… وهو ــ الطوطم ــ ألمن لا يدركه ويعرفه. المعتقد والسّلطة، والمثل الأعلى الذي يستوجب التقديس والاحترام. وهو العقل المتسلّط؛ مصدر كل الآفات، وهو مجسّد في العادات السيّئة والمحرّمة القبيحة: كالسّحر بأنواعه، وكإخراج قميص العروس ليلة الدّخلة وفضحها أمام الملأ… وأمّا بالنسبة للمجتمعات الحالية فيمكن تجسيده في سوء استعمال الأفراد للوسائل الحديثة، وتصنّع الرّجال و إظهار صورتهم كالنّساء. وكما يمكن تجسيده في الملتقيات المنمّقة، والمهرجانات الإباحية كمهرجان [شنتو كان مارا] السنويّ باليابان.
الطوطم هو الرّضوخ لعادات وتقاليد ــ سلبيّة وسيّئة ــ تبنّاها الغير× من أجداد وآباء، لتغدو دينا، وتفرض على الأجيال: {وإذا قيل لهم اتَّبعوا ما أَنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا}
والطوطم مبتغى كل نظام شموليّ مستبد؛ يبايعه و يشجّعه، لأنّه جزء منه. ومن القهر و الاستبداد اللّذين يمارسهما.
لو لا أن الله خلقنا أحرارا لينظر في أفعالنا، ولولا الدِّين الذي يقيّدنا، لقلتُ إن الزّواج بدعة، والإنجاب جريمة لاتغتفر، وإن الاستقرار مدعاة لحياة مملّة رتيبة لا معنى لها.
الحياة تجارب، والحريّة لا تقدّر بثمن؛ لا تركن إلى الطّوطم فيهينك ويحدّ من أنفاسك، ولا تعطِ خدّك الأيسر لمن ضربك على خدّك الأيمن.