بالواضح – الرباط
رياضةالرماية بالنبال من الرياضات العريقة وذات البعد الثقافي النبيل، الذي عاد المغرب، اخيرا، إلى الواجهة بقوة في المحافل القارية لهذه الرياضة، من خلال التتويج بالذهب خلال بطولة افريقيا للشبان التي نظمت مؤخرا بالجزائر.
رئيس الجامعة الملكية المغربية للرماية بالنبال محمد شريفي يكشف لنا في حواره الخاص الذي أدلاه لصحيفة “بالواضح” واقع هذه الرياضة، وكيف نجحت الجامعة في العودة بالمنتخب المغربي إلى عالم الألقاب وبلوغ منصات التتويج. كما يوضح لنا شريفي أيضا مستقبل التظاهرات الهامة التي من المرتقب أن تنظمها الجامعة الملكية المغربية للرماية بالنابل.
يوم 09 فبراير 2018 خرجت الجامعة الملكية المغربية للرماية بالنبال من نفق اللجنة المؤقتة الذي ناهز طوله الستة أشهر. ما تقييمكم لذلك؟
أود أولا أن أشكر جنود الخفاء الذين عملوا على تحقيق ذلك في صمت ونكران ذات ، دون شكوى ولا تذمر، وتخطوا بشجاعة وحكمة ومهنية منقطعة النظير، الضغوط النفسية والمناورات اللاأخلاقية والصعوبات الإدارية، لتمحيص الملفات ودراسة الوثائق والوقوف على الحقائق ودحض الشائعات، للخروج بالجامعة المغربية للرماية بالنابل من نفق مظلم مفتعل عرقل مسيرتها المظفرة وعطل قدراتها المتميزة طيلة هذه الفترة. وأخص بالذكر جميع أعضاء اللجنة المؤقتة دون استثناء، اللذين تصرفوا بمهنية عالية واقتدار فائق وضبط أعصاب متميز، وعلى رأسهم الحكيم السيد كمال الهجهوج. كما أستغل هذه الفرصة للتنويه بحكمة وحرفية السيد وزير الشباب والرياضة الذي تعامل مع هذا الملف من منظور قانوني وحكامة إدارية متميزة، شجعت على حلحلة الملف بشفافية ودمقراطية مثالية. كما أود بهذه المناسبة أن أشكر كل من منحني ثقته، وأعده أنني لن أكلأ جهدا لأكون عند حسن ظنه. وأشكر أكثر، من تأخر عن حضور الجمع العام، لأنه أثار انتباهي بشكل أو بآخر، لوجود خلل أو تقصير ما، يجب ضبطه و تداركه، وحثني على المزيد من العطاء والرقي والارتقاء.
علمنا أن بعض النوادي، تطلق على نفسها المعارضة، قاطعت الجمع العام الإنتخابي. هل من توضيح في الموضوع !؟
المعارضة، في مفهوم الفقه الدستوري، لا تعني مطلقا الهدم أو العرقلة أو المقاطعة المجانية، أو الطعن من الخلف. و إنما تعني التصرف الإيجابي الذي يطرح فكرا وبرنامجا مخالفا أو مكملا للفكر أو البرنامج القائم بهدف بناء المنظومة وتقويتها وإنجاح مشاريعها ، لا لإرباكها و عرقلة مسيرتها دون مساهمة أو اقتراح إيجابي بديل، بسبب مبررات واهية، شخصية وأنانية. فلو كانت هناك فعلا معارضة ، لها برنامج و رؤيا ، لحضرت الجمع العام و أبدت رأيها بشجاعة، و قدمت النقد ، وطرحت البديل ، و احترمت نتائج دمقراطية الانتخابات و رغبة الأكثرية. لا أن تختبئ خلف صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء مستعارة ، لتمارس السب و الشتم و القذف في أعراض الناس بالباطل. لذلك فإنه ليس هناك معارضة بالمفهوم العلمي للكلمة ، و إنما هناك أضغان و أحقاد شخصية لبعض الأفراد اتجاه آخرين، لا تعود لأسباب رياضية بقدر ما تعود لحسابات ثنائية ضيقة قديمة ، لا تمت لواقع الرياضة بصلة. لدى أقول لكل واحد على حدة ، إن كنت على حق فأنت لست بحاجة لأن تغضب، و إن لم تكن على حق فليس من حقك أن تغضب. ما هي أولوياتكم داخل الجامعة الملكية المغربية للرماية بالنبال بصفتكم الرئيس الجديد؟
الأولويات الرياضية متعددة و متنوعة ، و على رأسها التعريف بهذه الرياضة النبيلة و شهرها و العمل على تعميمها و ذلك بمحاولة إدخالها ضمن المناهج المدرسية ، لما لها من بعد أخلاقي وتربوي يتجلى أساسا في تربية الرامي على الانضباط والتركيز و بناء الشخصية القوية والمتزنة والهادئة القادرة على تخطي الصعاب وخوض التحدي ، ناهيك عن الجانب الرياضي. لأن هذه المواصفات هي شروط ضمان أبطال وبطلات الغد. إلا أن أولويتي القريبة، ستكون في العمل على إرجاع من شرد على المجموعة ، على قلتهم ، و رأب الصدع بين من حسنت نيته ، للاستفادة من كل الطاقات دون استثناء ، لتحقيق هذا الهدف ، الذي أعرف حق المعرفة ، أنه مشترك بين الجميع. لذى أستغل هذه الفرصة لدعوة كل النوادي ، بدون استثناء ، قديمها و حديثها، صغيرها و كبيرها، بعيدها و قريبها ، لوضع يدها في يد المكتب المديري الجديد لخدمة هذه الرياضة . كما أؤكد للجميع أنني سأبقى أذنا صاغية و يدا ممدودة وقلبا مفتوحا لكل اقتراح إيجابي ومبادرة شريفة من شأنها جمع الشمل والرقي بهذه الرياضة الشريفة لما يصبو إليه دستور المغرب الجديد ، المستمد أبعاده وفلسفته من منظور أمير المؤمنين لمفهوم الحكامة الرياضة، المنصوص عليه في الرسالة المولوية الموجهة للمناظرة الوطنية 2008 بالصخيرات.
علمنا أن وزير الشباب و الرياضة قد أخضع جامعتكم ” للإفتحاص” . كما أنكم كنتم ضمن الجامعات التي اجتمع بها وزير الشباب و الرياضة. صاحب ذلك الكثير من التكهنات و الإستنتاجات.. هل لكم أن تنورونا بحقيقة الأوضاع.
أعتقد شخصيا ، أن الرياضة المغربية قد رزقت أخيرا ، بوزير يدرك مفهوم ” الحكامة الرياضية ” و يعمل جاهدا على تفعيله في القطاع.
بمعنى!؟
التعريف المبسط ” للحكامة ” هو تناول الموضوع المطلوب في إطاره الشمولي ، تأطيرا و تدبيرا ، حاضرا و مستقبلا . بمنظور متفحص للواقع ، كاشفا للمعوقات ، مقترحا للحلول ، محددا للأهداف ، راسما للتحديات ، متطلعا للمستقبل. و ما دام أن مشكل الرياضة المغربية هو مشكل مركب ، مشترك أساسا ، بين القطاع المشرف ( الجامعات ) و القطاع الوصي ( الوزارة ) . فكان هذا ، في نظري ، روح و إطار هذا “الإفتحاص” الذي أقره السيد الوزير، و الذي شمــــــــل الجامعات الرياضية ، بصفة مباشرة . والوزارة الوصية بصفة غير مباشرة . بحيث لم يكن في بعده الحكماتي ، ذو منظور زجري، عقابي كما فهمه الكثير خطئا ، و إنما كان يهدف بالأساس إلى تشخيص الأسباب والمعوقات و النقائص ، بمنظور شمولي ، لكل من المكونين الرئيسيين للرياضة الوطنية ، الجامعات من جهة و الوزارة الوصية من جهة أخرى . لإمكان إعطاء الوصفة الملائمة و الناجعة الدائمة للخروج من دوامة الحلول الترقيعية المعتادة.
كيف استقبلتم عملية الإفتحاص وما نتيجته في حق جامعتكم؟
التلميذ المجتهد والمنضبط ، و إن أصيب بنوع من الإرتباك أمام الإمتحان ، فإن نجاحه لا يكون أبدا موضوع شك. فحسب تقرير الإفتحاص الذي توصلنا به ، فإن الجامعة الملكية المغربية للرماية بالنبال هي من بين الجامعات المتميزة التي نجحت، وبتفوق، في ضبط الإجراءات الشكلية والموضوعية إداريا و ماليا، وذلك وفق ما كان متوقعا لدينا. توج ذلك، الحمد لله، بتوقيع الجامعة على وثيقة الأهداف مع الوزارة. في أفق انطلاقة مدروسة الأبعاد و محددة الأهداف.
نحن نعلم أن عمر المكتب المديري الجديد قصير، و الإمكانيات شبه منعدمة. فهل من إنجازات ؟ أو على الأقل أهداف و برامج مستقبلية مسطرة ؟
بتاريخ 09 فبراير 2018 تسلم المكتب الجامعي الجديد السلطات من اللجنة المؤقتة. وبنفس اليوم تسلمنا ملف ” الجيمنزياد 2018″ (المنعقد في مراكش، في الفترة ما بين 05 و 09 ماي) و الذي تزامن مع البطولة الإسلامية المنعقدة ببنغلاديش. ثم ملف البطولة الإفريقية للشباب. ( المنعقد بالجزائر من 18 إلى 29 يوليوز2018.). كان ذلك تحديا بكل المقاسات. أبرزها الإكراهات الكبيرة المتمثلة في انعدام التجهيزات ، وتوقف التداريب طيلة فترة انشغال اللجنة المؤقتة ، وعدم وجود فريق وطني مدرب. وانعدام الوقت الكافي للاستعداد لا رياضيا و لا إداريا. ناهيك عن العرقلة الممنهجة ممن يطلقون على أنفسهم المعارضة. رغم ذلك وحدنا طاقة كل النوايا الحسنة من داخل المكتب المسير وخارجه. و بفعل تخطيط ممنهج وتربصات علمية هادفة ، تحت إشراف سبعة مدربين كل في إطار تخصصه. كانت النتائج ـ حمدا لله ـ مذهلة وفوق المتوقعة، تنظيم متميز وموقع مشرف في الجمنا زياد بمراكش. ميدالية فضية سيدات بالبطولة الإسلامية ببنغلاديش، وأخيرا رفع العلم الوطني وإسماع إفريقيا النشيد الوطني المغربي من قلب الجزائر (ميدالية ذهبية …وميدالية نحاسية). لذا أستغل هذه المناسبة للتنويه بالفريق الوطني فتيات وشبان ، بالروح القتالية والإستماثة المثالية في تجاوز التحديات و الإحباطات النفسية قبل المادية. أما بالنسبة للإستعدادات فنحن بصدد التهييئ لتنظيم كأس العرش و الإعداد للبطولة العربية التي ستعقد بالمغرب و بعدها البطولة الإفريقية. و المسيرة طويلة إن شاء الله.
ختاما، بصفتكم رئيس جامعة رياضية، ما تقييمكم ” للمجال ” الرياضي المغربي.
سيدي، يصعب الكلام عن مفهوم “المجال” وبالأحرى تقييمه، في غياب ” المنهج”. فطبقا للواقع المعاش، فإن الرياضة الوطنية تعيش أزمة ” منهج ” في الوقت الذي أصبحت فيه الحضارة الغربية تسمى ” بحضارة المنهج “. إن إشكالية ” المنهج ” هي بالأساس إشكالية معرفية ، أول خطواتها تكمن في تفعيل المعادلة الأولية و البديهية ، ولكن الأساسية و الحاسمة و هي ” التربية قبل التعليم.” لأننا بفقدان عنصر” التربية ” نفقد ” ثقافة التنافس”، و من ثم فقدان البعد الحضاري المتمثل في قيم الرياضة و مثلها النبيلة. مما يسقطنا في”منهج ” العصر الجاهلي المجسد في حرب “داحس والغبراء”. حرب امتدت 40 سنة ، وطحنت قبيلتين من أكبر قبائل العرب ، بسبب انعدام ثقافة ” تقبل نتيجة التنافس”. وبهذه المناسبة، أستحضر موقف رابطة مدرسي الرياضة في فرنسا التي طالبت بإعادة مباراة تأهيل المنتخب الفرنسي، لأن الفوز جاء نتيجة خطأ لم يحتسبه الحكم ، قائلة :” لا نريد أن يرى صغارنا و شبابنا خطأ فادحا و يقبلون به لمجرد تأهيل منتخبهم لنهائي المونديال، لأن ذلك يسيئ إلى تربيتهم و يعودهم عادات يرفضها المجتمع المتحضر.” وملخص هذا يا ما رددناه و نحن صغار.”إنما الأمم الأخلاق ما بقيت …فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.”