بقلم: د. محمد وراضي
يتعلق الأمر بقصة إمام مسجد سيدي احميدة – احصين، ذي الباع الطويل في ممارسة الشعوذة التي مكنته من الإثراء السريع الفاحش في مدة وجيزة: مسكنان، وسيارة من نوع الدفع الرباعي، ثمنها 14 مليون سنتيم!!! دون أن يتعرض لمساءلة عنوانها: من اين لك هذا؟؟؟
هذا الإمام المشعوذ لا يتوفر على التزكية حتى يلقي على الناس خطبة الجمعة. فكان أن قدمت جمعية سيدي احميدة للتنمية البشرية شكاية به إلى المندوب الإقليمي الأسبق لوزارة الأوقاف بتاريخ 3 يوليوز 2014م. والتي لم يعرها المندوب المتقاعد منذ أزيد من عام أي اهتمام! وكأن الإمام سلط عليه نوعا من السحر فصرفه عن اتخاذ القرار اللازم ضده.
ثم ازداد تدمر الناس من الإمام المذكور، فتولينا نحن التأكد من صحة التهم الموجهة إليه. ثم كان بعد توثيقها – بإمضاء أكثر من شاهد – أن وجهنا شكاية إلى المندوب الجهوي بالرباط، لعلمنا أن المندوب الإقليمي بسلا لم يقم بالواجب المطلبوب منه القيام به!
وأول خطوة قام بها المندوب الجهوي هو بعث لجنة من شخصين لتقصي الحقائق. والغريب أن عضوي اللجنة صديقان حميمان للإمام الذي يرافقهما في سيارته كلما كانت هناك وليمة، في الرباط أو في سلا أو في ضواحيهما، بحيث يتلذذانمعه بأطيب المأكولات. ويغادران معه وفي جيوبهما إكراميات من مقيمي الولائم.
ولما حضرت اللجنة إلينا، بعضويها المذكورين. فاتحنا الشاب (ش) – وهو مرشد لأئمة المنطقة التي يوجد بها الإمام المشتكى به – بقوله: “ليست لديكم حجج على ما تدعون”!!! فأدركنا أنه لم يتزود بالملف الذي وضعناه نحن بين يدي المندوب الجهوي بالرباط. أي أن هذا المندوب كلف اللجنة شفاهيا دون أن يضع رهن إشارتها ملفنا المصحوب ببراهين مدينة للمشتكى به.
وقبل أن نقصد هذا المندوب، بعد أن سلمته اللجنة تحقيقها الذي نشك في نزاهة مضمونه، حملنا الملف إلى السيد رئيس المجلس العلمي بسلا الذي تولى بنفسه التحقيق في الموضوع المطروح. ثم وعد بأنه سيبعث بتقريره إلى المندوب الجهوي بالرباط. فكان أن اجتمع لهذا المندوب تقريران: تقرير اللجنة التي عينها والمكونة من صديقي الإمام الحميمين، وتقرير السيد رئيس المجلس العلمي الذي لم يتعرض لسحر الإمام كما تعرض له غيره!!!
ولماعدنا إلى المندوب الجهوي بالرباط، مستفسرين عن مصير الملف الذي وضعناه بين يديه بتاريخ 29 دجنبر 2014م. أخبرنا بأنه بعث به إلى مديرية المساجد بوزارة الأوقاف. فكان أن دخلنا في مرحلة الانتظار التي طالت لمدةعشرة شهور.
ونحن ماضون في التساؤل وفي الاستفسار عن ملفنا، أو عن شكايتنا، أحالنا السيد رئيس المجلس العلمي بسلا على المندوب الإقليمي الجديد للوزارة بنفس المدينة.
ولما حضرت شخصيا إلى المندوب الجديد، وحدثته عن ملف الإمام المشتكى به، أخبرني بأنه على علم به، وأن الإمام حضر إليه وبكى واستبكى! واعترف بخطئه، وتوسل إليه بقوله تعالى: “عفا الله عما سلف”. فكان أن وقف المندوب عن متابعته واستقصاء أحواله. ثم أخبرنا أنه على استعداد لبحث الموضوع إن نحن كتبنا شكاية جديدة. فكان أن قلنا له: لقد كتبنا الشكاية منذ ما يقرب من سنة، وأنت على بينة بالموضوع. ومع ذلك استسلمت لتملق الإمام! ولقوله تعالى: “عفا الله عما سلف”، وتركت الإمام المشعوذ يعيث في الأرض فسادا. والحال أن القضاة لو اعتمدوا الآية القرآنية كما اعتمدتها وفهمتها لما وجد بالسجون المغربية أي مذنب من طنجة إلى الكويرة!!!!
وبعد يومين حملنا إليه رسالة تضمنت ما دار بينه وبيننا، مستهدفين حمل مضمون ذلك الحوار إلى مديرية المساجد بوزارة الأوقاف مع توضيحات أخرى. لكنه رفض أن يتسلم ما قدمته إليه، كما رفض أن يمكنني من نظيره الذي يحمل طابع المؤسسة وتوقيعه. فخرجنا عنده منزعجين بخفي حنين.
ولما يئسنا من إنصاف المندوبين كليهما، لأنهما وقعا معا تحت تأثير سحر الإمام – موضوع القضية – قررنا الذهاب مباشرة إلى مديرية المساجد بوزارة الأوقاف، ومعنا توضيحات مكتوبة لكل ما حصل. فكان أن استقبلنا موظف سام خير فاضل غاية في اللطف، وغاية في الأدب، وغاية في التفهم. فقام شخصيا بإحضار الملف الذي ناقشناه معه، فكان أن اقتنع لا شك بما اقتنعنا به نحن وأيدناه بحججنا.
ولم يمض وقت طويل حتى جاء قرار فصل الإمام المشعوذ عن عمله بمسجد سيدي احميدة – احصين. فكان أن ثارت ثائرة مؤيديه الذين لا يتجاوز عددهم خمسة عناصر. ثم كان أن عين المندوب الإقليمي إماما قادما من القرية. وفي أول صلاة جمعة له بالناس، تدخلت العناصر الخمسة المشار إليها لمنع الساكنة من الصلاة خلفه، فانتهى الأمر إلى حضور السلطة مرتين: في الجمعة الأولى، وفي الجمعة الموالية. بعد أن أخرج زعيم تلك العناصر مفروشات المسجد ليفرشها غير بعيد عنه، حتى يصلي الإمام المعزول بالناس خارجا، ويتركون المسجد للإمام الجديد. لكن السلطة أفشلت هذا المخطط.
فكان أن وضعت العناصر الخمسة المذكورة مخططا للتعجيل برحيل الإمام المعين بصفة مؤقتة كما وصل إلى علمنا، بل وكما أخبرنا هو بنفسه. والخطة الصبيانية للخمسة المذكورين تقضي بحرمان الإمام من الإقامة في المسكن التابع للمسجد، بحجة أنه ملك للجماعة السلالية. والحال أنهم كانوا عازمين على تعيين إمام جديد بأنفسهم. والإمام الذي أرادوا تعيينه، هو الصديق الحميم للإمام المفصول. لكن المندوب شرط عليهم توفره على تزكية. فكان أن حملنا إلى المندوب رسالة، نخبره فيها بأن تعيين الإمام لا بد أن تقوم به الوزارة، فرفض مرة أخرى تسلم شكايتنا، كما رفض تسليمنا نظيرها الحامل لطابع المؤسسة التي يديرها. وأخيرا وبعد جهد جهيد وقعها في أعلاها، وبكيفيىة مقلوبة لتحكم حالة الغضب من نفسه!!!
أما الخمسة المؤيدون للإمام المعزول، فقرروا استخدام حرمان الإمام الجديد من السكن الذي ادعوا بأنه تابع للجماعة السلالية – كما تقدم -. فالإمام الآن يحضر لأداء صلاة الظهر والعصر والمغرب وقراءة الحزب الراتب بعد صلاته. ثم يعود إلى بيته بالقرية، مع ما يدفعه كل يوم مقابل الحضور والعودة، لأنه لا يملك سيارة!
ولما وصل الخبر إلى المندوب الإقليمي، قام – كما قيل لنا – ببحث في موضوع سكن الإمام، دون أن يصل إلى الحقيقة الواقعية المطلوبة.حيث إنه أصغى إلى ما ادعته العناصر الخمسة، مما يعني أنه ساهم بكيفية أو بأخرى في تضخيم قضيتين وإثباتهما:
1ـ ساهم في تمكين الإمام المعزول من مصحة استقبال ومعالجة المشتكين ضد المس من الجن! والعين! والمحبة والقبول! وفك التقاف بدون شعوذة! كما نصت على ذلك بطاقة زيارته التي تحمل اسمه ورقم هاتفه، والتي هي بين أيدينا!
2ـ ساهم في حرمان الساكنة من إمام قار صالح خال ملفه من المخالفات المسيئة إلى الأمن الروحي للمملكة المغربية!
وبناء عليه حملنا إلى المندوب مرة أخرى رسالة نوضح فيها كيف أن الأرض التي بني عليها المسجد والمستوصف، والمدرسة، والتي أقيمت عليها المقبرة، ليست في ملك الجماعة السلالية، وإنما هي في ملك رجل متوفى اسمه “ابن الشافعي”. ثم طلبنا من المندوب أن يحمل العناصر الخمسة على إحضار حجة بأن تلك الأرض تابعة فعلا للجماعة السلالية. خاصة وأن أراضي الجماعات السلالية، كلهاتحمل رقم تحفيظها.
ولا نخفي مرة أخرى أننا كنا ننتظر يوم الأربعاء 6/1/2016م قدوم المندوب من التاسعة صباحا إلى العاشرة والنصف. ولما حضر ووجدنا أمام مكتبه، لم يكلف نفسه حتى إلقاء التحية علينا نحن الثلاثة، فحييناه نحن، وقمت شخصيا لتسليم الرسالة إليه، ولطلب تسليمي نظيرها موقعا ممهورا بطابع المؤسسة، ولم يعرني أي اهتمام، بل إنه خرج مرة أخرى، وذلك في الوقت الذي عليه أن يقوم على الأقل بالتفاتة، مدتها لن تتجاوز دقيقة واحدة. ومضمونها ماذا تريدون؟ وإن كنتم مستعجلين فعودوا غدا أو بعد ساعتين ريثما أعود.
هذا الأدب المطلوب من موظف تابع لوزارة تتولى تدبير الشأن الديني، لم نجده عند هذا المندوب الذي يعاملنا معاملة تتسم بالازدراء واللامبالاة! وكأننا نحن كمنتظريه ليس لدينا ما نفعله! والحال أنني تركت أم أولادي مع حفيدة لي جئنا بها من بعيد لزيارة الطبيب.
بينما كان على السيد المندوب أن يرتب بيته، ويكلف المسؤولة عن مكتب الضبط، بتنفيذ عملية ما يعرف ب”سلم واستلم”، كما تنفذ في كافة الإدارات الحكومية. دون إلزام مقدمي الرسائل أو الشكايات بانتظار حضور المندوب الذي له الحق وحده – على ما يبدو – أن يطبع ويوقع ويقدم نظير الرسائل والشكايات لمن حملها. كما له الحق وحده في أن لا يوقع تلك النظائر! بحيث يكون قصاده خاضعين لأوامره التي لا ترد!!!
ثم إننا لا نعرف بالتحديد لماذا يبدي المندوب – ومعه أحد مساعديه منذ زيارتنا الأولى له – تعاطفا مع الإمام المعزول؟ فقد ادعى هذا المساعد أن للإمام أتباعا كثرا، وأنه مظلوم! فكان أن قلت له: نحن نطلب حججا تفند ما قدمناه من أدلة ضده، إذ الأمر لا يتعلق بكثرة من يؤيد ولا بكثرة من يعارض!فغمرني الشك بخصوص ما إذا كان الإمام قد سلط سحره على المندوب الأسبق وعلى المندوب الحالي! وعلى مساعده! دون أن يستطيع تسليطه على السيد رئيس المجلس العلمي الذي حملت إليه الشكاية فوقعها وسلم لي نظيرها بتوقيعه، ووعد بالنظر في مضمونها بتكامل مع المندوب الإقليمي في أقرب فرصة متاحة!
الدكتور محمد وراضي
mohamedouradi@yahoo.com