من أهوى بالإسلاميين إلى الحضيض السياسي؟ ح.4

بقلم: د. محمد وراضي

إن المغرب بالذات من الدول التي فتحت الباب تكتيكيا أمام أكثر من لفيف إسلامي ليمارس نشاطه، ولم يخرج السلفيون والطرقيون عن القاعدة، فقد تولى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لسنوات طوال الدكتور عبد الكبير العلوي المدغري – ذو الميول التيجانية – ومحقق كتاب “الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم” للقاضي أبي بكر بن العربي المعافري. ثم تولى نفس الوزارة أحمد التوفيق المؤرخ لا العالم، وصوفي بودشيشي متنطع؟ صاحب كتاب “المجتمع المغربي في القرن التاسع عشر”، ومحقق كتاب “التشوف إلى رجال التصوف” لابن الزيات. والذي كشف فيه عن انتمائه اللاعقلاني للظلام الصوفي. فقد قضى هو كذلك سنوات طوال في وزارة الأوقاف. دون أن تجدي نداءات المنتقدين لآرائه في الدين فتيلا؟ هذه الآراء الواهية التي افتتح بها أول درس رمضاني له، موضوعه العلاقة بين السند الصوفي والنسب الشريف ( = أكاذيب غاية في الخسة)؟
ونحن الآن في انتظار ما يمكن أن يصير عليه أمره بعد تعيين حكومة جديدة، حكومة أخنوش الذي عرفنا والده عن قرب، حيث إنه ساهم مع عباس القباج السوسي في إنشاء المعهد الإسلامي بتارودانت، مع العلم بأن كلا من بنكيران والعثماني لم يقوما بتغيير وزير الأوقاف ذي البضاعة المزجاة في الدين، واستبداله بوزير آخر؟؟؟
ولنذكر القراء العلمانيين والإسلاميين، بأن الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال كلها علمانية الهوية. وأن أية حكومة إسلامية حقيقية، لم تتول إدارة شؤون بلدنا منذ الاستقلال حتى الآن. وأن وزراء كل هذه الحكومات لم يوفوا بعهدهم، لا للملك الذي هو أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين بمنطوق الدستور. كما أنهم لم يوفوا بعهدهم بخصوص ما يتعلق بالإخلاص للبلاد ولا للدين. فالكل يشاهد الوزراء وهم يؤدون قسم الولاء والطاعة، وفي مقدمتهم رؤساهم الذين نميز من بينهم المعروفين بإسلاميين! إنهم يقسمون بالله العلي العظيم أن يكونوا مخلصين للدين وللوطن وللملك. فصح أن نقول ونحن صادقون بأنهم كذابون، تقمصوا رداء العلمانيين أو تقمصوا رداء الإسلاميين المزور؟ إنهم جميعهم ضربوا عرض الحائط بقوله سبحانه: ” وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها”! وبقوله عز وجل: “الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون”. وكلهم مع ذلك على دراية بما يجري في الأزقة والدروب، لكنهم – لأجل المتاع الدنيوي – يناضلون لأجل إخفائه، إلى حد أن ما تنشره مجلة “نيشان” التي كان يديرها أحمد بنشمسي لفترات، والتي يشاهدها القاصي والداني، لم يكن مما يغيب عن معرفة وزراء الداخلية والأوقاف، والإعلام، ورئيس الوزراء؟ ومع ذلك تظل الدعارة وتعاطي الخمر في خمارات معروفة، إلى جانب الاغتصاب، من المألوفات التي تكذب، أو تفنذ القسم الذي أداه ويؤديه الوزراء. أما مشاهدة الجهلة أو المتجاهلين لما يدور حول الأضرحة – وزوارها يقبلون الدابيز المزركشة – فحدث ولا حرج؟ هذا وحكومات العلمانيين والإسلاميين قائمة؟
وبقي أن يعرف قراء مقالاتي أنني على صلة وطيدة بمن أسسوا حزب العدالة والتنمية، بل ولي شخصيا دور في تأسيسه، فقد كانت لي صداقة متينة مع الدكتور الراحل: عبد الكريم الخطيب. وفي الوقت ذاته مع المسؤولين في الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والتي تولى الصقر محمد يتيم إبعاد المسؤولين الرئيسيين عنه، كي يتولى هو قيادته، لكنه على كل حال، لم يحقق بواسطته للمنتمين إليه من العمال أية أهداف تذكر. يكفي أنه كان يخطب في الحضور لشهور عدة، وهو الذي ضبط مع فتاة في سن أحد أبنائه خارج المغرب؟ إلى حد أن زوجته استنكرت بشدة ما أقدم عليه زوجها من هيام تجاوزه سنه؟ فكان أن أصبح سخرية لخصومه العلمانيين والإسلاميين في ذات الوقت. وهو الذي ألف كتيبا – لم أعد أتذكر اسمه – وإنما أتذكر كوني أعجبت به وقرأته لمرات، وكان من جملة ما انتقده فيه – وهو يحمل حملته القوية على الماركسية – ادعاء ماركس بأن الوضع المادي هو الذي يحدد وعي الإنسان؟ ويتيم بوضعه المادي الجديد، تغير وضعه فأصبح أضحوكة. وأنا ممن كانوا ولا يزالون يستغربون أمره، مع عدم استغرابي لقولة ماركس التاريخية “الوضع المادي للإنسان هو الذي يحدد وعيه”. ومقولته هذه لم تصدق على يتيم وحده، وإنما كذلك على بنكيران والعثماني وعلى آخرين من علمانيين وإسلاميين؟؟؟

تعليقات (0)
اضافة تعليق