السائقون بين مطرقة النقابات وسندان الباطرونا: نضال بلا مكاسب

بقلم: مراد مجاهد

في مشهد يتكرر يوميا على الطرقات، يقف السائقون أمام معركة لا نهاية لها، معركة كان من المفترض أن يخوضوها من أجل حقوقهم المشروعة، لكنهم وجدوا أنفسهم مرغمين على القتال من أجل تحقيق مصالح غيرهم.
لقد بات واضحا أن النضالات التي تديرها النقابات أصبحت مسيسة وموجهة لخدمة أجندات بعيدة كل البعد عن مطالب السائقين الحقيقية.

السائقون هم العمود الفقري لقطاع النقل بواسطة سيارات الأجرة وهم الذين يتحملون مشقة العمل في ظروف صعبة، لكنهم في المقابل يحصلون على القليل إن لم يكن لا شيء.
النقابات التي كان يفترض بها أن تكون حصنا لحماية حقوقهم أصبحت شريكا في استغلالهم، متجاهلة معاناتهم اليومية وتطلعاتهم لمستقبل أفضل.
في الواقع؛ الدور الذي تلعبه النقابات اليوم أصبح مكشوفا للجميع، وبدلا من الدفاع عن حقوق السائقين؛ فإنها تستخدم قوتهم التفاوضية كورقة ضغط لتحقيق مكاسب الباطرونا، يُدفع السائقون إلى المشاركة في نضالات تبدو في ظاهرها من أجل تحسين أوضاعهم، لكنها في العمق تهدف إلى تحقيق مكاسب لمصالح أخرى تاركة السائقين في مواجهة مصيرهم دون دعم حقيقي.
هذا الوضع يظهر انحرافا خطيرا عن المبادئ الأساسية للنضال النقابي. النقابات التي كان من المفترض أن تكون المدافع الأول عن حقوق السائقين أصبحت اليوم جزءا من المشكلة.
الأجندات الشخصية والمصالح الخاصة أصبحت أولوية بينما تبقى مشاكل السائقين دون حلول.
السائقون الذين يعانون من هزالة الأجور، وتردي ظروف العمل، وانعدام الحماية الاجتماعية، هم الضحايا الحقيقيون في هذه اللعبة القذرة؛ مطالبهم لا تسمع وحقوقهم تهمل، بينما تُستغل قوتهم الجماعية في تحقيق أهداف لا تعنيهم.
لقد حان الوقت لإعادة الأمور إلى نصابها، يجب أن يستعيد السائقون زمام المبادرة وأن يطالبوا بإصلاح جذري داخل النقابات، يجب أن تكون النضالات القادمة موجهة بشكل حصري لتحقيق حقوقهم بعيدا عن التلاعبات والمصالح الضيقة.
النقابات يجب أن تعود إلى دورها الحقيقي كمدافع عن حقوق العمال وليس كوسيط لتحقيق مكاسب أخرى.
إن إصلاح القطاع يبدأ من داخل النقابات نفسها، والسائقون بحاجة إلى تمثيل حقيقي ونزيه يعمل بجدية لتحقيق مطالبهم وتحسين ظروف عملهم وضمان مستقبل أفضل لهم ولعائلاتهم. لن تتحقق العدالة في هذا القطاع إلا إذا اتحد السائقون وأعلوا صوتهم ضد الاستغلال مطالبين بحقوقهم المشروعة دون خوف أو تردد.

المستقبل بين أيدي السائقين أنفسهم، إذا لم يتحركوا الآن فإنهم سيظلون عالقين في الدوامة نفسها، يُستغلون دون أن يُمنحوا شيئا في المقابل.
الطريق طويل وشاق؛ لكن بالإرادة والعزيمة يمكنهم أن يحققوا التغيير الذي يستحقونه…

اترك رد