بقلم: عبالعزيز ملوك
لم تكن رحلة دونالد ترامب نحو القمة والمجد مفروشة بالورود كما يعتقد البعض، ففي العام 1990 وجد الرئيس الأميركي السابع والأربعين للولايات المتحدة نفسه غارقًا في ديون شخصية بلغت أزيد من 900 مليون دولار،كان يخسر منها. آنذاك، 3 ملايين دولار أسبوعيًا،الى أن اضطر البنك إلى مصادرة طائرته الخاصة ويخته ومروحيته.
مع ذلك، استطاع ترامب كما يفعل الآن على منصة x ، بقرار واحد أن يقلب الموازين ويحول نفسه من مقاول مفلس إلى أيقونة تلفزيونية وملياردير ليجد نفسه بعد ذلك أهم رجال السياسة بالإضافة إلى الاقتصاد في العالم.
كآنت البداية في العام 1976،حينما لاحظ الشاب ترامب الذي كان يمتلك نظرة ثاقبة، شيئًا لم يلتفت إليه أحد هو “قوة الإسم”، ليقرر وضع إسمه بحروف ذهبية ضخمة على المباني التي كان يملكها في نيويورك أولا.
كانت الفكرة بسيطة لكنها كانت لافتة للنظر، بل وثورية في نفس الوقت رغم أنه لم يكن أحد يتوقع النجاح الكبير الذي حققته هذه الخطوة،التي سرعان ما انتشرت في الولايات المتحدة الأمريكية، وأصبح “برج ترامب” أيقونة معمارية في مانهاتن. ثم جاءت كازينوهات أتلانتيك سيتي لتحوّله إلى “بارون” القمار والدولار.
بحلول العام 1988، اشترى ترامب فندق بلازا الفاخر في نيويورك مقابل 407 ملايين دولار، لتبدا بذلك رحلة النجاحات التي لا يمكن إيقافها.
العام 1991، بدأت الأمور المالية عند الأسطورة ترامب تسوء بشكل كبير بعد ارتفاع أسعار الفائدة بشكل كبير انهار معها سوق العقارات بنيويورك ،لكن ترامب الذي كان قد تخلف أداء ما بذمته من ديون للبنك،أدرك واستدرك شيئًا مهمًا حتى مع ترنح إمبراطوريته، أن قوة علامته التجارية Trump، ما زالت قائمة وذات مصداقية وقيمة وكانت بمثابة طوق النجاة،فبدلًا من استمرار ترامب في امتلاك المباني وتحمل تكاليف البناء والمخاطر المرتفعة، قرر استغلال اسمه إعلاميا محققا بذلك أرباحا مالية هائلة.
كآنت البداية في العام 2004، حيث قدم المنتج التلفزيوني الأمريكي مارك بورنيت،أولى العروض التلفزيونية لترامب الذي طلب 50 ألف دولار لكل حلقة،ليقع بعدها تحول ما بعده تحول في مسار الرجل المالي والإعلامي.
فبعد عرض البرنامج لأول مرة الذي حقق نجاحًا ساحقًا بما فاق 28 مليون مشاهد خلال الحلقة الأولى ربح منها ترامب 427 ألف دولار لكل حلقة.
استمر البرنامج 14 موسمًا، وحقّق إيرادات بلغت 213 مليون دولار وأصبحت عبارته الشهيرة “You’re fired!” (أنت مطرود!) ظاهرة ثقافية في بلاد العم سام ووضع ترامب اسمه على أكثر من 50 مبنى حول العالم وعقد صفقات ترخيص في عدة دول إلى أن ارتفعت قيمة علامته التجارية إلى مليارات الدولارات.
كانت هذه هي فلسفة ترامب،TRUMP، خمس كلمات لا غير، شكلت مصيره ونمت إمبراطوريته بسرعة غير مسبوقة في برصة وول ستريت المالية أولا وفي عالم السياسة لاحقا، لكن مع ذلك فبذور الأشواك كانت تُزرع دائمآ في الخفاء في طريق الرجل.
في العام 2020 خسر ترامب الانتخابات الرئاسية أمام غريمه الديموقراطي جو بايدن ورفض الاعتراف بالهزيمة، محاولا قلب النتيجة لصالحه مدعيًا تزوير الانتخابات من خلال الضغط على المسؤولين الحكوميين، وأمر الموظفين الحكوميين بعدم التعاون في فترة الانتقال الرئاسي وعرقله، وأصدر فريقه العديد من الطعون في نتائج الانتخابات التي رفضت جميعها.
في 6 يناير 2021، حث ترامب أنصاره للقيام بمسيرة إلى مبنى الكابيتول الذي هاجمه المئات منهم بعد ذلك، مما أدى إلى سقوط عدة قتلى وعرقلة فرز الأصوات الانتخابية،حاكمه الكونغرس الأمريكي على اثرها بتهمة إساءة استخدام السلطة وعرقلة عمل الكونغرس ولكن مجلس الشيوخ برأه من التهمتين العام 2020.
منذ تركه منصبه، ظل ترامب منخرطًا بشكل نشط في الحزب الجمهوري الأمريكي وفي نوفمبر 2022، أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية 2024 وأصبح مرشح الحزب مرة أخرى، هزم من خلالها المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس وفاز في التصويتين الشعبي والمجمع الانتخابي. وبذلك أصبح ثاني رئيس في تاريخ الولايات المتحدة بعد جروفر كليفلاند يُنتخب لفترتين غير متتاليتين.
واجه ترامب ترامب خلال مسيرته العملية والسياية الكثير من العقبات والمشاكل والأزمات الاقتصادية والمالية والكثير من التهم الجنائية بالإضافة الى قضايا مدنية من قبيل زعزعة اللستقرار والأمن القومي الأمريكي والاعتداء الجنسي والتشهير والاحتيال المالي،ليصفه ويصنفه الكثير من الساسة والمؤرخون كواحد من أسوأ الرؤساء في تاريخ الولايات المتحدة لكنه يبقى الشخصية الوحيدة المؤثرة في القرار السياسي والاقتصادي العالمي لحد الساعة.